بقلم:سامر ابراهيم
مرحبا اسمي مروان ساشارك كيف انتهى بي الحال في هذه التجربه المرعبه احب الرحلات البريه عبر البلاد وبدات هذه الهوايه مع عائلتي واستمررت بها حتى بعد ان استقليت بحياتي واقوم برحلات تمتد من يومين الى خمسه ايام حيث اقيم عاده في الفنادق كما انني من عشاق السهر احيانا لا انام حتى السادسه صباحا واحب التجول ليلا حول الفنادق وحتى بعيدا عن يال حيث اجد في ذلك وقتا هادئا افهم مخاوف البعض بشان ذلك لكنني غالبا لا اقلق اتجنب الازقه والتزم بالطرق الرئيسيه ولم تكن هذه الليله استثناء كانت الليله المقصوده حوالي منتصف الطريق من حفله اقامها اصدقائي وكنت اقود عائدا بمفردي توقفت في فندق شبه مهجور لم يكن تماما في منطقه منعزله لكن اقرب محطه بنزين كانت على بعد ميلين على الرغم من ذلك كان الفندق مزدحما بشكل غير متوقع حيث كان علي الانتظار في طابور مع حوالي سته اشخاص للحصول على المفتاح فتحت غرفتي عندما دخلت الغرفه كانت بسيطه وغير مريحه لكنني لم اهتم لانني سابيت فيها لليله واحده فقط بعد العاشره مساء خرجت كعادتي في جوله كنت مندهشا وانا ارى موقف السيارات حيث كانت هناك سيارتي وسياره اخرى فقط رغم انني اعتقدت ان هناك اشخاصا يدخلون الفندق كانت تلك الليله مظلمه وهادئه بشكل غير معقول كان الطريق يمتد طويلا في الصحراء مضاء فقط بصفين من اعمده الاناره المتوازيه بدا ان القمر في طور المحاق ولم يكن هناك اي م ضوء سوى النجوم لم ارى اي سياره طوال فتره تجوالي لكن بعد فتره لاحظت شيئا ما لسبب ما شعرت بانني يجب ان انظر خلفي هناك على بعد حوالي 200 قدم رايت ظل شخص يقف ساكنا متباينا مع الارض المظلمه في البدايه لم اشعر بالخوف فقد اعتدت رؤيه الناس خلفي من قبل وغالبا ما يكونون عابرين لكن هذا كان مختلفا كنت بعيدا عن المناطق السكنيه واشعر ببعض القلق وتفاقم ذلك الشعور عندما نظرت خلفي مجددا ورايت انه اقترب اكثر مشيت مسافه طويله تلك الليله وكنت التفت باستمرار لاتاكد من انه لم يقترب وفي كل مره التفت اراه اقرب فكرت في ان اقف واتركه يمر واذا اقترب سارا قبه جيدا لعله يرتدع وقفت بعيدا قليلا عن الطريق وانتظرت لكن الشيء الغريب انه لم يتحرك بل بقي في نفس المكان حاولت النظر الى ساعتي لكن هاتفي لم يعمل رغم انه كان مشحونا بنسبه 58% قررت التوجه الى محطه البنزين التي كانت على بعد ميلين وكنت انوي للاتصال بتاكسي او الشرطه بدات امشي بسرعه لكن عندما التفت ورائي مجددا وجدته اقرب مما توقعت فزعت وبدات اركض لكن في كل مره اركض كان يتبعني بنفس السرعه كان يقت اكثر فاكثر حتى اصبح على بعد حوالي 30 قدما فقط وقفت هناك ونظرت اليه ورايت ان بشرته شاحبه وملابسه مشوهه في تناسق غريب كانه مخلوق مشوه واصلت المشي البطيئ نحو محطه البنزين لكن المسافه بدت طويله وكانها خمسه اميال شعرت بالضجر واردت ان اصرخ في وجهه ليبتعد لكن عقلي رفض الفكره حاولت ان استمع الى خطواته لكنني لم اسمع الا خطواتي بعد فتره قررت ان اغير مساري وان اعود الى الفندق وعندما نظرت خلفي اختفى شعرت بالراحه للحظه لكن قلبي كان ينبض بقوه وكانه يعرف ان الامر لم ينتهي بعد عندما عدت الى الفندق رايته مجددا خلفي شعرت بالاكتئاب مشيت ببطء الى استقبال الفندق وعندما اغلقت الباب شعرت بالراحه اخيرا ورايت سيده مسنه تعمل في الاستقبال اخبرتها عن الرجل الذي كان يتبعني لكنها لم ترد باي كلمه لم تظهر اي تغيير في تعابير وجهها طلبت منها ان تتصل بالشرطه لكنها بقيت صامته شعرت بالاحباط وذهبت الى غرفتي طريقي الى الغرفه كان مليئا بالقلق اراقب المكان حولي لاتاكد انني بامان عندما فتحت باب الغرفه التقطت مفاتيح سيارتي وخطت كانت مغادره المكان لكن عندما نظرت نحو سيارتي وجدته واقفا بجانبها اغلقت الباب بقوه واقفلت الستائر وجلست على السرير قلبي ينبض بشده وكانني اسير في كابوس لا اعرف كيف او متى لكنني غفوت على السرير وكان التعب الذي شعرت به تغلب على خوفي او ربما كانت كانها استسلام غير واع فجاه استيقظت على ضوء غريب يخترق ظلام الغرفه لم يكن الضوء من تلك الباهته المثبته في سقف الغرفه بل كان ضوءا قادما من الخارج يتسلل عبر الباب الذي كان مفتوحا على الرغم من انني اتذكر بوضوح انني اغلقته باحكام في البدايه لم اميز سوى الظلال المتراقص على الجدران بفعل ذلك الضوء حتى رفعت عيني لاجده فوقي تماما واقفا هناك كانه ينتظرني كان له وجه شاحب شحوب كانه مصنوع من ماده مطاطيه تتخذ ملامحه الغريبه لم تكن بشرته تشبه بشره اي انسان بل كانت متيبسه باهته واقرب الى البلاستيك منها الى الجلد الحقيقي كانت عيناه السوداوان المثبت تان في وجهي دائريتين بالكامل ليس فيهما لمعه او حياه بل فقط سواد عميق يخلو من اي شعور وكانه ما ثقبان يؤديان الى فراغ مطلق ملابسه كانت سوداء لكنها متكسره مشوه وكانها مجرد بقايا متاكله لصوره انسانيه ممسوخه شعرت برعب يسيطر على كل جسدي تحركت بدون تفكير وركضت نحو الحمام اغلقت الباب خلفي بقوه وانا اتنفس بصعوبه شعرت بان جدران الحمام الضيقه كانت تحاصرني لكنني لم اجرؤ على التحرك جلست على الارض متكونا وفي لحظه من الجنون قررت النظر اسفل الباب لاجده هناك مستلقيا على الارض من الجهه الاخرى يحدق بي من اسفل الباب بنفس تلك العينين الفارغتين من الحياه كان منظره اكثر فضاع مما كنت اتصور وكان عينيه كانتا نفقين مظلم يؤديان الى مكان لا يمكن لعقلي ان يتخيله لم ادري كم من الوقت قضيت هناك فقط اذكر انني استسلمت للياس قبل ان يغلبني الاعياء مجددا في الصباح استيقظت على سريري وك ان شيئا لم يحدث الضوء الطبيعي للنهارو للشمس حيث كان يملا الغرفه وسمعت اصوات سيارات واشخاص بالخارج فحصت هاتفي وكانت الساعه تشير الى التاسعه صباحا وكل شيء بداطبيعيا اعدت النظر الى الغرفه لاكتشف ان باب الحمام كان مفتوحا رغم انني متاكد انني اغلقته عندما اختبات هناك بعد عودتي الى المنزل رويت ما حدث لعائلتي واصدقائي لكن لم يصدقني احد بل بداوا يسخرون مني حتى انني بنفسي بدات اشك فيما عشته كانه مجرد كابوس طويل لكن بعد شهرين من الحادثه بينما كنت في رحله اخرى مع اصدقائي لاحظ احدهم ندبه صغيره على عنقي كانت غريبه على شكل ماسيت متقاطعتين ولم اتمكن من تفسير كيف حصلت عليها لا تنسوا الاعجاب والاشتراك وتفعيل الجرس ليصلكم كل جديد كان مساء عاديا حين انتقلت عائله الحميدي الى منزلهم الجديد المنزل الذي كان يعود تاريخه الى القرن التاسع عشر وقف شامخا في ضاحيه هادئه باخش شابه القديمه ونوافذه الزجاجيه التي تحمل بصمات الزمن بدا المنزل مثاليا رغم بعض التفاصيل المخيفه التي لفتت انتباههم خاصه القبو كانت مريم الزوجه مستكشفه بطبيعتها بعد يوم طويل من الترتيبات قررت النزول الى القبو للتاكد من وجود اي اشياء قديمه ربما تركها الملاك السا قون وبينما كانت تمسح الغبار عن بعض الصناديق القديمه عثرت على اطار خشبي قديم بدا وكانه صوره لعائله تعود لعصر قديم ترتدي ملابس كلاسيكيه وتقف امام نفس المنزل الذي يعيشون فيه الان اخذت مريم الصوره الى زوجها خالد حدق في الصوره بتعجب فكان الاشخاص في الصوره يشبهونهم بشكل غريب اب وام وطفلان تماما مثل عائلتهم لم يولي الامر الكثير من الاهتمام في البدايه فربما كان مجرد تشابه مصادف ووضعوا الصوره في احدى غرف المنزل كقطعه ديكور قديمه مع مرور الايام بدات مريم تشعر بشيء غير عادي كانت الصوره تتغير ببطء الوجوه بدات تبدو مختلفه قليلا في البدايه بدا الامر كما لو ان الوان الصوره بدات تبهت لكن شيئا اعمق كان يحدث وجوه العائله في الصوره بدات بالتلاشي تدريجيا لتحل محلها وجوه مالوفه ذات ليله استيقظ خالد فجاه على صوت خطوات خافته كما لو ان حدا ما يتحرك في المنزل نزل الى الطابق السفلي ووجد ابنتهما الصغيره ساره تقف امام الصوره تحدق فيها بعمق عندما اقترب منها همست ابي لماذا انا في الصوره كانت الكلمات تجمد الدم في عروقه نظر خالد الى الصوره وفزع لرؤيه وجه ساره قد بدا يظهر في الصوره مكان احد الاطفال القدامى مرت الايام وتوالت الاحداث الغريبه بدات اشياء في المنزل تتحرك من تلقاء نفسها اصوات غريبه ت تردد في الاروقه واحيانا كانوا يشعرون بانهم مراقبون من شيء غير مرئي الصوره كانت تتغير ببطء كل يوم تظهر تفاصيل جديده وكلما ظهر احد افراد عائلتهم في الصوره كانت تحدث امورا اكثر غرابه ثم في يوم مشؤوم لاحظ خالد ان وجهه قد بدا يظهر في الصوره ايضا كان في منتصف الصوره مرتديا ملابس قديمه لا يعرف كيف اصبحت جزءا منه في نفس الوقت كانت وجوه العائله القديمه تتلاشى تماما كما لو ان الصوره تمتص ارواحهم ببطء بحث خالد عن اي معلومات حول العائله القديمه التي كانت تعيش في المنزل ووجد ان العائله قد اختفت بشكل غامض دون ترك اي اثر كانت الشائعات تقول انهم قتلوا بطريقه مروعه وان روحهم بقيت محبوسه في المنزل ولكن الحقيقه كانت اكثر رعبا مما كان يتوقع الصوره لم تكن مجرد صوره كانت بوابه بين الحياه والموت وسرعان ما ادرك ان الصوره تمتص ارواحهم ببطء وتاخذ مكانهم في العالم اصبحت العائله محاصره بين واقعين كلما اقتربت وجوههم من الاكتمال في الصوره كانت ارواحهم تسحب تدريجيا الى البعد الاخر حاولوا حرق الصوره تدميرها لكن كل محاوله كانت تفشل في النهايه ادركوا ان الطريقه الوحيده لايقاف الصوره هي مغادره المنزل ولكن كان الوقت قد فات في الليله الاخيره استيقظ خالد ليجد نفسه محاصرا داخل الصوره محبوسا بين الزمان والمكان في ما كانت زوجته واطفاله يقفون بجانبه محاصرين الى الابد لقد اكلت الصوره ارواحهم وها هم الان جزء من التاريخ الملعون للمنزل وفي صباح اليوم التالي جاءت عائله جديده لتسكن في المنزل ووجدت صوره قديمه لعائله تقف امام نفس المنزل وفي صباح اليوم التالي كانت عائله السالم قد قررت الانتقال الى منزل جديد في تلك الضاحيه الهادئه كان المنزل جذابا وواسعا ويبدو مثاليا لحياته الجديده وبعد يوم طويل من الترتيبات وبينما كانوا يستكشفون المنزل وجدت هدى الزوجه شيئا غريبا في احدى الغرف العلويه كانت صوره قديمه موضوعه بعنايه على جدار متهالك صوره لعائله تبدو كانها تعود لعقود ماضيه يقفون امام المنزل نفسه الذي يسكنونه الان كان في الصوره رجل امراه وطفلان نظرت هدى الى الصوره بعينين متفحصه ثم قالت لزوجها سامي وهي تشير الى الصوره انظر اليسوا يشبهوننا ابتسم سامي وقال مجرد صدفه لكنه شعر بشيء غير طبيعي في تلك الصوره شيء يهمس في عقله ان هناك خطا ما لكنه لم يشا التحدث عنه مرت الايام بسلام في البدايه ولكن لم يدم هذا الهدوء طويلا بدات هدى تلاحظ تفاصيل غريبه في الصوره تماما كما حدث مع العائله السابقه في البدايه كانت الالوان تبدو وكانها تتغير ببطء ثم بدات الوجوه في الصوره بالتلاشي تدريجيا وتحل محلها وجوه مالوفه للغايه وجه سامي كان اول من بدا يظهر في الصوره يليه وجه طفليهما ثم وجهها هي المنزل بدا يظهر عليه علامات غريبه نوافذ تغلق وتفتح من تلقاء نفسها اضواء تومض بلا سبب واحيانا كانوا يسمعون اصوات ضحكات مكتومه في الليل حاولت هدى اقناع نفسها بان هذه مجرد خيالات ولكن الصوره كانت تزداد وضوحا يوما بعد يوم وتزداد معها حده الاحداث الغامضه ذات ليله استيقظ سامي على صوت خفيف ياتي من غرفه المعيشه اقترب من الصوره واذا به يلاحظ ان وجوههم الان تكاد تكون مكتمله في الصوره لم يستطع تجاهل الشعور بالرعب الذي تملكه نظر حوله وكانه يشعر بشيء يقف خلفه لكنه لم يرى شيئا في الصباح التالي بدات العائله بالبحث عن تاريخ المنزل وسرعان ما اكتشفوا القصه المرعبه التي كانت تخفيها جدرانه وجدوا اخبارا قديمه عن العائلات التي سكنت المنزل واختفت في ظروف غامضه تماما كما حدث مع عائلتي الحمايدي الصوره التي وجدوها لم تكن مجرد صوره بل كانت بوابه لعالم اخر بوابه تلتهم ارواح كل من يجرؤ على السكن في المنزل اصبح الوضع لا يطاق كل ليله كان افراد العائله يشعرون وكانهم يفقدون جزءا من ذواتهم كما لو ان ارواحهم تستنزف تدريجيا في الليله الاخيره قرروا الهرب اخذ سامي زوجته واطفاله وركضوا نحو السياره مصممين على ترك المنزل خلفهم الى الابد لكن عند الباب الامامي وقبل ان يتمكنوا من الخروج تردد صوت ضحكه خافته عبر الجدران ادرك سامي فجاه ان شيئا ما كان خطا نظر الى الصوره المعلقه على الجدار وفزع لرؤيه ان وجوههم قد اكتملت تماما في الصوره كانوا الان محاصرين ليس فقط في المنزل بل في الصوره نفسها ببطء بدات ارواحهم تلتهمها الظلال وا اصبحت الاجساد كانها مجرد انعكاسات باهته لما كانوا عليه وبينما كانوا يصرخون ويبحثون عن مخرج انطفات كل الاضواء واختفى كل شيء اصبحت الصوره الان مجرد صوره اخرى معلقه على الجدار تنتظر عائله جديده وبعد اسابيع قليله جاءت عائله جديده لتسكن في المنزل كان الزوجان احمد وسها متحمسين لحياتهما الجديده مع طفليهما في هذا المنزل الجميل لم يكن هناك ما يثير الريبه في البدايه فقد كان المنزل يبدو هادئا ومريحا كما ان الجيران اخبروهم ان الملاك السابقين غادروا فجاه دون تفسير وفي اول يوم من اقامتهم وبينما كانت سها ترتب الاشياء في غرفه المعيشه لفتت انتباهها صوره قديمه معلقه على الحائط اقتربت منها فشعرت بقشعريره بارده تسري في جسدها كانت الصوره لعائله من اربعه افراد يقفون امام المنزل تماما مثلهم غريب قالت سه بصوت منخفض وهي تنظر. لكنهما لم يرغبا في افساد فرحتهما بالمنزل الجديد فقرر تجاهل الامر مرت الايام وبدات الامور تاخذ منعطفا غير طبيعي لاحظ احمد اولا ان بعض ملامح الصوره بدات تتغير ببطء الاشخاص في الصوره كانوا يتلاشى بريقهم القديم بين بدات تظهر وجوه مالوفه خاصه وجه طفلهما الاكبر علي ظن في البدايه ان ذلك مجرد وهم بصري او تاثيرات الزمن على الصوره لكنه لم يستطع التخلص من الشعور بان هناك شيئا اكبر يحدث وفي احدى الليالي استيقظ احمد فجاه على صوت ضحكه مكتومه قادمه من الطابق السفلي عندما نزل ليتحقق وجد طفلهما علي يقف امام الصوره يحدق فيها بعينين زائغ تين نادى عليه لكن علي لم يستجب وعندما اقترب همس الطفل بصوت خافت ابي انا هنا في الصوره تراجع احمد بسرعه وشعرت قدماه كانهما مغروز تان في الارض من هول ما سمعه في تلك اللحظه ادرك ان الصوره لم تكن مجرد قطعه ديكور قديمه كانت شيئا اكثر ظلمه شيئا يسحب افراد عائلته ببطء الى مكان اخر حاول احمد وسها بشتى الطرق التخلص من الصوره احضروا خبراء لترميمها او ازالتها لكن دون جدوى كانت الصوره تعود دائما الى مكانها وكانها جزء لا يتجزا من المنزل ثم جاءت الليله الحاسمه كان الجميع نائمين عندما بدات الاصوات تتعالى في المنزل صرخات ضحكات واصوات خطوات كانت تجوب الارجاء استيقظت العائله باكملها لتجد ان الصوره قد تغيرت تماما وجوههم كانت الان واضحه بشكل مرعب في الصوره وكلما حاولوا الهروب كانوا يشعرون بان ارواحهم تسحب ببطء في اللحظه الاخيره عندما كانوا على وشك ان يغادروا المنزل تج د في اماكنهم لم يستطع احد منهم التحرك وكان قوه غامضه قد امسكت بهم نظر احمد الى الصوره للمره الاخيره فراى فيها شيئا جعله يفقد الامل تماما العائله باكملها بادق تفاصيل وجوههم كانت الان محبوسه داخل الصوره تحدق بعينين خاويت في صباح اليوم التالي زار وكيل العقارات المنزل مع عائله جديده مهتمه بشرائه وبينما كانوا يستكشفون الغرف اشار احدهم الى صوره قديمه معلقه على الحائط كانت الصوره لعائله من اربعه افراد يقفون بابتسامات باهته امام المنزل وهكذا تستمر الدائره اللعينه حيث ينتظر المنزل بصبر ضحاياه الجدد تلتهمهم الصوره واحدا تلو الاخر لتحبس ارواحهم داخل اطار الزمن المشؤوم الى الابد كان نادر يعيش في امريكا منذ سنتين بعدما ترك مصر لاسباب العمل ولم يكن يرجع سوى لزياره سريعه مره كل عام كان يحتفظ شقته في مصر الجديده كاستثمار مستقبلي لكن وجود بعض الجيران المؤذيين دفعه الى تركيب كاميرات مراقبه ليتمكن من الاطمئنان على الشقه كلما اراد في تلك الليله وبينما كان يتحدث مع صديقه المقرب عمر على الواتساب طلب منه ان يساعده في ايجاد مشتري لشقته حتى يتمكن من شراء شقه جديده في التجمع لكن ما بدا كمحام تحول الى شيء لم يكن اي منهما مستعدا له كان عمر يتصفح محادثته مع نادر عندما تلقى منه صوره شاشه غريبه ملتقطه من كاميرا المراقبه في الصالون صوره يظهر فيها ظل مبهم يقف عند الباب الخلفي بدا الظل طويلا بشكل غير طبيعي وكان صاحبه كائن لا ينتمي لعالم البشر ارتجف عمر وبدات التساؤلات تتزاحم في راسه لكنه حاول التظاهر بالهدوء سال نادر بقلق ما هذا الشيء هل هنالك شخص داخل شقتك ردنا وهو يحاول تهدئه صديقه اريدك ان تذهب بنفسك الى الشقه وتتحقق من الامر لا استطيع الاطمئنان قبل ان ارى بعينيك ما يجري هناك رغم تردده وشعوره بالرهبه وافق عمر اخيرا وقرر الذهاب كانت الساعه تقترب من منتصف الليل عندما وصل عمر الى الشقه فتحت الابواب بسهوله لكنه شعر برائحه عفن خفيفه تفوح في المكان وكان الشقه لم تفتح منذ شهور رغم ان نادر كان يتابعها باستمرار بدا بتفقد الغ واضاءه الاضواء واحدا تلوى الاخر لكنه لاحظ ان كلما تقدم خطوه نحو الداخل كانت الاضواء التي خلفه تنطفئ فجاه شعر بان شيئا ما يتعقبه لكنه حاول تجاهل هذا الاحساس الغريب بينما كان يقف في الصالون بدا يسمع همسات خافته اصوات غير مفهومه وكانها تخرج من جدران الشقه البرد تسلل الى جسده رغم ان الليل كانت دافئه وبدا يشعر بان هذه الشقه تخفي شيئا رهيبا في تلك اللحظه لمح عمر في شاش كاميرا المراقبه الخاصه بالصاله ظلا غريبا يتحرك يتقدم ويتراجع خلف الباب وكانه يحاول مراقبته عن قرب دون ان يكشف بالكامل ظله طويل يمتد بطريقه غريبه وغير متناسقه مع هيئه الانسان العاديه ومع كل خطوه كان يخطوها عمر باتجاهه كان الصوت الخاف يتحول الى صراخ مكتوم ومزعج حاول عمر ان يغادر الشقه لكنه فوجئ بان الباب مغلق وكان قوه خفيه تمنعه من الخروج في محاوله لفهم ما يجري قرر عمر الاتصال بنادر عبر كاميرا المراقبه لتسجيل ما يحدث فتح الكاميرا وبدا ببث الاحداث مباشره ليرى ما يراه نادر الا ان صديقه سرعان ما صرخ عمر شيء يقف خلفك تجمد عمر في مكانه وادار راسه ببط ليجد كيانا غريبا ذو ملامح باهته يتراجع في الظل مختبئا بين الغرف وكانه مراقب صامت يكتفي بالتفرج لم يستطع عمر السيطره على نفسه واخذ يصرخ طالبا النجده. لكن لم يكن هناك من يسمعه كان جسده يعرق ويداه ترتجفان فيما كانت الشقه باكملها تتحول من حوله وكان الجدران نفسها تتنفس وتنبض بالحياه في لحظه من الرعب ظهر كيان غريب من خلف باب غرفه النوم كان طويلا وملفوفا بعباءه سوداء كالدخان بعينين حمراء المعاني في الظلام وبدا يتحدث بصوت منخفض ومخيف انت لست مرحبا هنا وساجعل تندم على دخولك صدم عمر ولم يصدق ما يسمعه كيان يحدثه بصوت عميق يشبه الهمس مليء بالكراهيه والتهديد بدا الكيان يسرد لعمر تفاصيل لم يعرفها احد عن نادر كانه يعرف عنه اكثر مما يعرفه صديقه نفسه قال له الكيان بنبره متوعده نادر هو من استدعاني الى هنا وهو الان مدين لي بشيء لم يسدده بعد واخبره ان الشقه تحمل لعنه وان كل من عاش فيها تعرض لعذاب يشبه الجحيم بعضهم لم يعرف مصيره حتى اليوم عرف عمر ان نادر قد علق في لعنه الشقه دون ان يدرك وانه بتركيبه لهذه الكاميرات قد فتح بابا للعالم الاخر مما سمح للكيان الشرير ان ينشا ويتغذى من مراقبته المستمره حاول عمر جمع شجاعته وفحص الغرفه بتركيز حتى لمح كتابا قديما مغبرا كان يعلوه غطاء فوق احد الرفوف في الصالون كان مكتوبا عليه طلاسم غير مفهومه فقرر تلاوتها بصوت مرتفع وما ان بدا بقراءه النصوص حتى بدا الكيان بالصراخ والتلاشي تدريجيا تمكن عمر اخيرا من فتح الباب والخروج من الشقه جسده كان منهكا بالكاد يستطيع التنفس لكنه حمد الله على نجاته في طريقه الى المنزل اتصل عمر بنادر واخبره بما حدث محذرا اياه من العوده الى الشقه مهما كلفه الامر وطلب منه بيعها فورا في تلك الليله وبينما كان عمر يتهيا للنوم تلقى رساله من رقم مجهول على الواتساب فتح الرساله ليجد صوره للشقه مكتوبا اسفلها كلمه واحده عاد كانت الكل الاخيره في الرساله عاد كالصاعقه على عمر جال بخاطره ان الامر لم ينتهي وانه ربما فتح ابوابا لم يكن يجب فتحها حاول تهدئه نفسه لكنه كان عاجزا عن نسيان ما مر به في تلك الشقه حتى في تلك اللحظات كان صوت الهمسات الغريبه يتردد في اذنيه وكان الكيان لا يزال معه يراقب خطواته بعنايه في صباح اليوم التالي قرر عمر البحث عن تفسير لكل ما حدث اتصل باحد الشيوخ المعروفين بقدرتهم على التعامل مع الظواهر الغريبه وشرح له التفاصيل لكن رد الشيخ لم يطمئنه بل زاد من رعبه قال له الشيخ بنبره هادئه هناك ارواح تسكن الشقق والاماكن المهجوره لكنها لا تؤذي احدا ما لم يزعجها شخص او يفتح مجالا للتواصل معها ثم صمت الشيخ للحظه واردف ولكن يبدو ان هذا الكيان لا يريد فقط ان يزعج بل يرغب بالانتقام اقترح الشيخ على عمر ان يتجنب الاقتراب من الشقه او الحديث عن ما شاهده واوصاه بقراءه بعض الايات قبل النوم حتى يحمي نفسه من اي ضرر اخذ عمر بنصيحه الشيخ لكنه لم يستطع التوقف عن التفكير بنادر مر اسبوع وبدات الامور تهدا في حياه عمر حتى ظن ان الكيان اخيرا قد اختفى من حياته ولكن في احدى الليالي تلقى اتصالا من نادر وهو في حاله هستيريه كان صوته مضطربا يروي له عن احلام مرعبه وكيانات تظهر له في غرفته ليلا وبدا يشعر بان حياته كلها اصبحت مهدده قال نادر بنبره يائسه عمر لقد حاولت بيع الشقه لكن كل من ياتي لمشاهدتها يشعر بشيء غريب ويرفض الشراء يبدو وكان اللعنه قد التصقت به ولا استطيع التخلص منها بدا عمر بالبحث عن تاريخ تلك الشقه واصحابها السابقين وقده بحثه الى قصه غريبه احد السكان السابقين كان يعمل في السحر الاسود وتوفي في ظروف غامضه داخل الشقه نفسها يقال انه كان يقوم بجلسات تحضير ارواح وترك وراءه طلاسم واشياء غريبه لم يستطع احد ازالتها من الشقه مما جعل الكيان يعلق بها ويعتبرها ملكا له قرر عمر ونادر التوجه الى الشقه للمره الاخيره برفقه الشيخ كان الشيخ قد اخبرهم ان عليهما مواجهه الكيان وانهاء الامر نهائيا والا سيبقى عالقا معهم اينما ذهبوا عندما دخلوا الشقه شعروا ببروده قاسيه لا تشبه اي بروده اخرى بدا الشيخ بقراءه ايه ايات من القران وفي كل ايه كان الصوت الغريب يتعالى وكان الكيان يتالم كان الصراخ يخترق جدران الشقه بينما بدات الاشياء تتحرك وكانها تلقى في الهواء بقوه خفيه وبينما كان الشيخ يكمل تلاوته ظهر الكيان اخيرا بتجسد اكثر وضوحا من اي مره سابقه كان عملاقا اسودا تتراقص ظلاله في الظلام وعيناه تتوهج بغضب مرعب كانت لحظه حاسمه حيث صرخ نادر في وجه الكيان اتركنا وشان انا لم يع لك مكان هنا شيئا فشيئا بدات الظلال تتلاشى مع ارتفاع صوت الشيخ وانتهى الصراخ تدريجيا حتى عم الصمط المكان غادر الكيان الشقه وعم السلام المكان لاول مره منذ زمن طويل بعد تلك الليله قرر نادر اخيرا بيع الشقه وتمكن من ايجاد مشتر لم يشعر باي شيء غريب فيها كانا يعتقدان ان الكيان قد رحل الى الابد وان الامر انتهى ولكن في ليله بارده وبينما كان عمر يستعد للنوم تلقى رساله جديده من رقم مجهول كانت صوره للشقه يظهر فيها ظل الكيان نفسه واقفا عند نافذه الصالون مع رساله نصها لن ارحل ابدا شعر عمر بخوف يجمد الدماء في عروقه وهو يحدق في الصوره وعادت اليه كل ذكريات الرعب التي حاول نسيانها كان يدرك ان هذا الكيان لم يتركهم بل ربما فقط تظاهر بالرحيل حاول الاتصال بنادر ليخبره بما حدث لكن الهاتف ظل يرن دون رد وكان نادر اختفى فجاه لم يستطع عمر ان ننوم تلك الليله جلس في الظلام يترقب كل صوت او حركه حوله يشعر ان الكيان قريب يراقب من الظلال وفي لحظه سكون سمع همسات خافته قادمه من غرفه الجلوس تجمد في مكانه وراى امامه خيالا متحركا وكان شخصا يسير ببطء عبر الغرفه حاول ترديد بعض الايات بصوت مرتجف لكن الهمسات ازدادت اقترابا وتحولت الى اصوات اقدام ثقيله تتقدم نحوه كان الكيان خرج من الشقه يطارده اينما ذهب في اليوم التالي قرر عمر ان يلجا الى اخر من يمكنه مساعدته شيخ يعرف اسرار العوالم الخفيه ولكن هذه المره طلب منه الشيخ شيئا غير متوقع قال له عليك ان تواجه الكيان بنفسك لا يمكنني مساعدتك اكثر من هذا ان اردت التخلص من هذا الرعب للابد يجب ان تعود الى الشقه وتواجهه حيث ظهر لاول مره رغم الرعب جمع عمر شجاعته وقرر العوده الى الشقه ليضع حدا لكل ش في المساء وقف امام باب الشقه المترب والمعتم وشعر ان قلبه ينبض بعنف حتى يكاد يسمعه من حوله عندما دخل وجد ان الغرفه كانت مظلمه تماما رغم ان الانوار تعمل وكانت بروده الشقه تملا المكان تقدم نحو الصالون حيث شاهد الكيان للمره الاولى وبدا في تلاوه ايات من القران محاولا ان يثبت نفسه وان لا ينهار تحت تاثير الرعب فجاه ظهر الكيان امامه بشكل واضح عملاق اسود كظلمه الليل وعيناه تشتعلان بغضب لا يوصف تردد صوته العميق في ارجاء الغرفه لماذا ازعجتني هذه الشقه مكاني منذ ازمان وانت ونادر انتهكت ما حرمه هذا المكان تراجع عمر خطوات الى الخلف لكنه تمالك نفسه ورد بصوت قوي لم نقصد ايذاءك دعنا نرحل بسلام ولن نعود ابدا صمت الكيان للحظه ثم قال بصوت كالفحم ترحلوا الا اذا قدمت لي قربانا دما ليتم العهد بيننا تجمد عمر من الرعب لم يفهم ما قصده الكيان لكنه. شعر بأن المواجهة قد وصلت إلى مرحلة لا رجعة فيها. تردد صدى ضحكات الكيان في أرجاء الشقة، وتلاشت الظلال شيئًا فشيئًا ليبقى عمر وحده في الظلام، مرهقًا وخائفًا، لكنه حي. كانت التجربة قد أفقدته القدرة على الكلام، لكنه أدرك أن الكيان قد عاد إلى عزلته، وأنه حصل على القربان الذي أراده، وهو الرعب الذي حفره في قلب عمر والذي لن يزول أبدًا. عاد عمر إلى حياته لكنه ظل يتساءل دائمًا إذا كان الكيان سيظهر له من جديد، وما إذا كان قد تركه حقًا أم أن الرعب قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياته. بعد أن غادر عمر الشقة، ظن أن الكابوس قد انتهى، لكن كلما مر الوقت، أدرك أن الرعب لم يغادره. أصبح عمر يرى الكيان في زوايا الظلام، في انعكاس المرايا، وفي أوقات السكون في منزله. لم يكن يظهر بوضوح، بل كخيالات غامضة وأصوات همسات تتلاعب بعقله. لم يعد ينام بسلام؛ كل ليلة كان يستيقظ على صوت خطوات تتردد في غرفته أو صوت همس مخيف. كان يعلم أن الكيان قد أصبح جزءًا من حياته، وأنه رغم محاولته للتخلص منه، إلا أن الرعب لن يتركه بسهولة. بدأت صحته تتدهور، وأصبح شاحبًا ومرهقًا، وكأنه محاصر في عالم من الظلال والمخاوف لا مفر منه. في إحدى الليالي، بينما كان مستلقيًا على سريره في ظلام الغرفة، سمع همسة تهمس باسمه ببطء. حاول تجاهل الصوت لكنه شعر بقشعريرة تسري في جسده، وأدرك أن الكيان لم يكتفِ بما حدث في الشقة بل قرر أن يبقى معه. ثم أتت اللحظة التي حفرت في ذاكرته إلى الأبد: فتح عمر عينيه ببطء ليرى الكيان واقفًا بجانب سريره، بوجه مظلم وعيون تتلألأ بوهج لا يوصف، وكأنه ينتظر اللحظة التي يقبض فيها عليه. لم يتمكن عمر من التحرك أو الصراخ؛ كان مشلولًا من شدة الرعب، مجرد أسير في عالم الكيان. همس الكيان له بصوت متسلل: “لقد قبلت لعنتي، وأنا الآن معك أينما كنت إلى الأبد.” بعد تلك الليلة، اختفى عمر تمامًا عن أعين الناس؛ لم يعثر عليه أحد، وكأن الأرض قد ابتلعته. قيل إن من يحاولون الاتصال به يسمعون همسات غامضة في الهاتف، وقيل إن بعض أصدقائه رأوا ظله يمر أمامهم، لكنهم لا يتمكنون من التحدث إليه. لم يكن الكيان قد غادر الشقة حقًا، بل أصبح جزءًا من عمر نفسه. تركت شقته خالية، وامتنع كل من أراد شراءها بعد أن زارها وشعر بالرعب الدفين في جدرانها. وفي كل مرة تذكر قصة عمر، كانت تتردد في أذهان الجميع عبارة واحدة فقط: “الرعب لا يموت، بل يتحول ليصبح جزءًا ممن يتجرؤون على فتح أبوابه.” في إحدى الليالي القارسة من ليالي الشتاء، كانت المقابر تكتسي بسكون غريب تملأه الرياح الباردة التي تتسلل بين شواهد القبور العتيقة، حاملة معها همسات الماضي. كان عماد، الرجل الذي أمضى سنوات عمره في رعاية المقابر، يمشي بتثاقل بين القبور. كان يرتدي جلبابه البالي ومعطفه الثقيل الذي بالكاد يحميه من البرد، بينما كانت يداه تحملان فانوسًا قديمًا يشع نورًا خافتًا. عماد التربي . الذي عرف عنه الجميع صلابته وجرأته، لم يكن يخاف من الموتى ولا من حكايات الجن والعفاريت التي كان يسمعها من الزوار والمارة. لكن في تلك الليلة، شيء ما كان مختلفًا. كان الهواء يحمل معه رائحة غريبة، مزيجًا من عطر فاسد ورطوبة خانقة. أحس عماد بأن هناك من يراقبه، ولكن عندما كان يلتفت حوله لم يكن يرى سوى ظلال القبور المائلة. بينما كان يسير متجهًا نحو الكوخ الصغير الذي بناه بجوار المقبرة ليرتاح فيه بين عمله، رأى شيئًا يلوح في الأفق. كان بين القبور يتحرك بهدوء كأنه يخشى أن يُكتشف. توقف عماد محدقًا بعينيه ليحاول تمييز ما إذا كان ذلك مجرد وهم من أوهام الليل أو شيئًا حقيقيًا، لكن في لحظة خاطفة اختفى الكائن في الظلام، تاركًا وراءه إحساسًا عميقًا بالخطر. وصل عماد إلى كوخه، لكنه لم يستطع أن يخلع عن نفسه شعور القلق الذي بدأ يتسلل إلى قلبه. جلس على كرسيه الخشبي القديم وأشعل موقد النار محاولًا أن يدفئ نفسه ويطرد تلك الأفكار السوداوية من ذهنه. لكن صمت الليل ورائحة العطر الغريبة التي ما زالت تملأ المكان جعلاه يشعر بأن شيئًا ليس على ما يرام. وبينما كان عماد يتأمل ألسنة النار الراقصة أمامه، سمع صوتًا خافتًا يأتي من الخارج. كان صوت همسات متداخلة، كأنها تخرج من باطن الأرض. ثم تحولت الهمسات إلى نقرات خفيفة على نافذة الكوخ. تجمد الدم في عروق عماد، لكنه قرر أن يتحلى بالشجاعة. أمسك بفانوس واتجه نحو الباب. فتحه ببطء ليرى أمامه شيئًا لم يكن ليتوقعه. كان هناك كيان طويل، جسده متعرج ووجهه خالٍ من الملامح، فقط عيناه كانتا مضيئتين بلون أحمر كالجمر المشتعل، وصوت أنفاسه كان كزئير ريح عاصفة. وقف الكيان أمامه بلا حراك. “من أنت؟ ماذا تريد؟” نطق عماد بصوت مرتعش وهو يحاول أن يستعيد رباطة جأشه. رد الكيان بصوت عميق وكئيب: “أنا سيد المقابر، سيد كل الأرواح التي تموت دون راحة. لقد جئت إليك يا عماد لأنك انتُقيت لتكون خادمي.” ارتعد عماد وهو يسمع تلك الكلمات وأحس بأن ساقيه لم تعد تقويان على حمله. “خادمك؟ أنا مجرد تُرَبي لا أملك شيئًا ولا أستطيع أن أخدم أحدًا.” ابتسم الكيان، وكانت ابتسامته مرعبة كأنها شقت وجهه الذي لا ملامح له. “لن تخدمني بإرادتك، بل لأنك لا تملك خيارًا آخر. سأمنحك القوة والسلطة، لكنك بالمقابل ستقوم بما أطلبه منك دون سؤال أو تردد.” شعر عماد بأن شيئًا ما يتسلل إلى داخله، كان طاقة غريبة تملأ جسده وتربطه بهذا الكيان الرهيب. لم يستطع الرفض ولم يستطع المقاومة. كل ما فعله هو أنه انحنى برأسه كأنه يستسلم لمصيره المحتوم. مرت الأيام وبدأ عماد يشعر بالتغيرات التي طرأت على حياته. لم يعد كما كان من قبل. كان يشعر بقوة غريبة تتملكه، وكان يرى أشياء لم يكن يراها من قبل. كان يسمع همسات الموتى في الليل ويشعر بوجودهم حوله في كل مكان، لكنه كان يخفي ذلك عن الجميع. لم يكن يريد أن يعرف أحد بما حدث له لأنه كان يدرك أن هذا السر سيقوده إلى نهايته، لكن الكيان لم يكن ليسمح له بالاختباء طويلاً. بدأ يطلب منه تنفيذ مهام شيطانية. في البداية كانت الأمور بسيطة، طلب منه أن يحفر قبورًا في أماكن معينة، وأن ينقل جثثًا من مكان لآخر، لكنه تدريجيًا بدأ يطلب منه أشياء أكثر رعبًا. كان يأمره بأن يجلب له أرواح الموتى وأن يخرجها من قبورها لتكون خادمة له في عالمه السفلي. كان عماد يعيش في رعب دائم، لم يعد ينام ولم يعد يأكل، كان يمضي لياليه في المقابر محاطًا بالأرواح المعذبة التي كان يجبرها على خدمة سيده. لكنه كان يعلم أن النهاية قادمة، وأنه لن يستطيع الهروب من مصيره.
وفي إحدى الليالي المظلمة، جاءه الكيان مرة أخرى، لكن هذه المرة كان غاضبًا. “لقد خنتني يا عماد! لم تنفذ ما طلبته منك بدقة. لقد تركت روحًا تهرب مني وستدفع الثمن.” توسل عماد إلى الكيان أن يسامحه، لكنه كان يعلم أن لا مفر له. ابتسم الكيان تلك الابتسامة المروعة ومد يده الطويلة نحوه. شعر عماد بشيء بارد يلتف حول رقبته، وكأن الحياة تُسحب منه ببطء. حاول أن يقاوم، لكن قوته خانته.
في صباح اليوم التالي، وجد سكان القرية عماد ميتًا في كوخه. كانت عيناه مفتوحتين وعلامات الرعب بادية على وجهه. حاولوا تفسير ما حدث، لكن لم يستطع أحد أن يفهم الحقيقة. فقط المقابر كانت تعرف السر، والموتى كانوا يحملون القصة في صمت أبدي. أما الكيان فقد اختفى ليعود إلى عالمه السفلي منتظرًا ضحية جديدة، تُربيًّا آخر ليكمل سلسلة الرعب التي لا تنتهي.
بعد موت عماد، عادت المقابر إلى هدوئها المعتاد، ولكن الجميع في القرية شعروا بتغير غامض في الأجواء. الشائعات بدأت تنتشر عن أن عماد لم يمت بسبب مرض أو حادث، بل بسبب شيء خارق للطبيعة. كان الناس يهمسون في الزوايا ويتجنبون المرور قرب المقابر ليلًا، حيث كانوا يعتقدون أن الأرواح الغاضبة لا تزال تجوب بين القبور.
مرت الأيام وجاءت تُربيّة جديدة تدعى أمينة لتتولى مهمة رعاية المقابر. كانت امرأة قوية وذات عزيمة، ولكنها أيضًا كانت شديدة الحذر. سمعت الكثير عن الأحداث التي أحاطت بموت عماد، لكنها لم تكن تؤمن بالأساطير. كانت تؤمن أن الموتى ينامون بسلام، وأن عملها لا يتعدى تنظيف القبور ورعاية المكان. لكن في الليلة الأولى التي قضتها أمينة في الكوخ، حدث شيء لم تتوقعه.
عندما كانت تجلس وحدها تتأمل في النار، سمعت نفس الهمسات التي سمعها عماد قبلها. في البداية تجاهلتها معتبرة أنها مجرد أوهام ناتجة عن التعب، لكن الهمسات ازدادت قوة وأصبحت أكثر وضوحًا. كانت همسات مختلطة بلغات قديمة لم تفهمها، لكنها كانت تثير الرعب في قلبها. قررت أمينة أن تخرج للتحقق من الأمر. حملت فانوسها وخرجت من الكوخ متجهة نحو القبور. كان الليل حالكًا، ولم يكن هناك صوت سوى الرياح التي تعصف بين الأشجار. وبينما كانت تسير بين القبور، شعرت بوجود كيان يراقبها.
توقفت فجأة وحدّقت في الظلام محاولة أن تميّز شيئًا. وهناك، بين الظلال، رأت الكيان نفسه الذي أرعب عماد. كان يقف بصمت مغمورًا في الظلام، لكنه كان يشع قوة لا يمكن تجاهلها. تلك العينان الحمراوان كانتا تنظران إليها مباشرة كأنهما تخترقان روحها. لكن أمينة لم تستسلم للخوف. رفعت فانوسها وحاولت أن تتحدث مع الكيان: “من أنت؟ لماذا تزعج الموتى؟” قالت بصوت قوي على الرغم من الرعب الذي شعرت به في داخلها.
ابتسم الكيان مرة أخرى، وكانت تلك الابتسامة أشد رعبًا مما تخيلته. “أنا سيد هذه الأرض، وأنت الآن خادمتي. عماد قد فشل، وأنت ستكملين ما لم يستطع.” رفضت أمينة الاستسلام. “لن أكون خادمة لك، ولن أسمح لك بأن تؤذي أرواح الموتى.” لكن الكيان لم يكن يستمع. بلمسة من يده، شعرت أمينة ببرودة.
اجتاحت البرودة جسد أمينة كأن شيئًا يسحب روحها ببطء. أمامها، رأت صورًا مشوشة لأرواح معذبة مقيدة بسلاسل غير مرئية. أدركت أن هذه الأرواح كانت تابعة للكيان، تُجبر على القيام بأفعال شيطانية نيابة عنه. لكن في تلك اللحظة، قررت أمينة المقاومة. بصعوبة، همست ببعض الكلمات القديمة التي تعلمتها من جدتها، حكيمة القرية. كانت تلك الكلمات تعاويذ لحماية الروح وطرد الأرواح الشريرة. مع كل كلمة نطقتها، شعرت بقوتها تعود إليها ببطء، فيما بدأ الكيان يبتعد عنها تدريجيًا، حتى اختفى في الظلام تاركًا وراءه صمتًا مريبًا.
عرفت أمينة أن المعركة لم تنتهِ، لكنها أدركت أنها لن تستسلم. قررت أن تستخدم معرفتها القديمة لمحاربة الكيان وحماية المقابر والأرواح التي تجوبها. استمرت في عملها كالتربية، لكنها لم تكن كأي تربية أخرى؛ كانت تحمل سرًا عظيمًا وتحارب في كل ليلة تلك القوى الشريرة التي تحاول السيطرة على المقابر. ولم تكن وحدها، فقد أصبحت الأرواح الطيبة التي تهيم في المقابر تقف بجانبها، تحميها وتدعمها في معركتها ضد سيد المقابر.
على الرغم من أن الكيان لم يظهر مجددًا علنًا، إلا أن أمينة شعرت بوجوده في كل ليلة. كانت تعلم أنه يراقبها من بعيد، ينتظر لحظة ضعف للتسلل مجددًا. لكنها كانت مستعدة ولن تسمح له بالانتصار. أصبحت حارسة الموتى، وبدأت تتحول إلى أسطورة حية في القرية. لم يكن أحد يعرف سر قوتها الحقيقي، لكن الجميع شعروا بأن شيئًا مختلفًا يحدث في المقابر منذ توليها المهمة.
في إحدى الليالي القمرية، وبينما كانت تجلس بجوار النار تتأمل اللهب، شعرت فجأة بالهمسات تعود من جديد. لكن هذه المرة، كانت مختلفة؛ لم تكن تهديدية، بل أشبه بصوت استغاثة. وقفت أمينة بسرعة، حملت فانوسها، واتجهت نحو مصدر الصوت. بين القبور المظلمة، رأت طيفًا غريبًا يتحرك ببطء. لكنه لم يكن كيانًا مرعبًا كالسابق، بل بدا كروح هائمة تبحث عن شيء ما.
اقتربت أمينة بحذر وسألت بصوت منخفض: “من أنت؟ وما الذي تبحث عنه؟” التفت الطيف نحوها وعيناه تلمعان بحزن عميق. قال: “أنا روح ميتة لا أجد راحتي. هناك شيء يمنعني من مغادرة هذا المكان.” أدركت أمينة أن هذه الروح كانت واحدة من الأرواح التي استولى عليها الكيان، وأنها لم تستطع العثور على السلام منذ ذلك الحين.
جلست بجانب القبر الذي كان الطيف يقف فوقه، وقالت له: “سأساعدك، لكن عليك أن تخبرني ما الذي يمنعك من الرحيل.” كانت الروح تبكي بصمت، وتحكي قصتها في الحياة. كان رجلًا طيبًا، لكن موته كان مفاجئًا وغامضًا. دُفن دون أن تُؤدى له الطقوس اللازمة، مما جعل روحه عالقة بين العالمين.
شعرت أمينة بغضب عارم. لم يكن يكفي أن الكيان يريد السيطرة على المقابر، بل كان يسلب الأرواح حقها في الراحة الأبدية. قررت أن تحرر هذه الأرواح من سيطرته. عادت إلى كوخها، جمعت الأشياء القديمة التي تركتها جدتها، وبدأت بتمتمة تعويذة قديمة. عرفت أن العمل سيكون خطيرًا، لكنها لم تتردد.
تحت ضوء القمر، عادت إلى المقبرة وبدأت مراسم التحرير. عصف الريح بقوة، وشعرت الأرض تهتز تحت قدميها. ظهر الكيان فجأة، غاضبًا أكثر من أي وقت مضى. قال: “تظنين أنك تستطيعين هزيمتي؟ أنت لا تعرفين القوة التي أملكها!” ردت أمينة بشجاعة: “قوتك لا تأتي من ذاتك، بل من تلك الأرواح التي أسرتها. حان الوقت لتحرر!”
بدأت تتلو التعاويذ، ومع كل كلمة نطقتها، بدأت الأرواح تتحرر ببطء. صرخات الأرواح ملأت المكان، بعضها من الألم، وبعضها من الفرح. وكلما تحررت روح، تضائلت قوة الكيان. حاول مهاجمتها، لكن أمينة كانت محمية بالضوء المنبعث من التعاويذ.
في لحظة حاسمة، شعرت أمينة بشيء ما ينكسر في الهواء، كأن القيود التي كانت تربط الأرواح قد تمزقت. صرخ الكيان بصوت عالٍ، ثم اختفى في الظلام، تاركًا المقابر خلفه. عاد الصمت، لكنه كان هذه المرة صمتًا مليئًا بالسلام.
جلست أمينة بجانب القبر الذي أنقذت روحه، وشعرت بدمعة تسقط على خدها. كانت تعرف أن هذا ليس النهاية، وأن المزيد من التحديات بانتظارها. لكنها في تلك اللحظة شعرت بالنصر. لقد نجحت في هزيمة الكيان وإعادة السلام إلى المقابر.
منذ تلك الليلة، أصبحت أمينة حارسة الموتى بلا منازع. لم يعد أحد في القرية يخشى زيارة المقابر، فقد علموا أن أمينة هناك، حارسة الضوء في عالم الظلام. أما الكيان، فقد اختفى في أعماق الظلام، لكنه لم ينتهِ تمامًا. كان يراقب من بعيد، منتظرًا لحظة ضعف، أو ضحية جديدة يسلب منها روحها. لكن طالما أن أمينة كانت موجودة، فإن الأرواح كانت بأمان.