الشيطان الأكثر رعبًا في العالم، الحارس الذي يجلس على بوابات العالم السفلي والمعروف بأنه الابن الأوفى والخادم المطيع لإبليس. صار ينفذ وصيته ويضل البشر ويغويهم وصار لديه مجموعة من المتابعين يعبدونه ويقومون بطقوس له ويقدمون له القرابين في معابد خاصة وسرية. بنيت هذه المعابد لكي يعبدونه فيها ويأخذونه إلهًا لهم والعياذ بالله. اليوم نتكلم عن بافوميت، الشيطان الأكثر شهرة في الكتب التاريخية بأوروبا الوسطى والشروحات الدينية اليهودية.
الروايات تقول إن أول ظهور تاريخي لبافوميت كان في واحدة من الحملات الصليبية عن طريق واحد من الفرسان عندما أرسل رسالة للكنيسة يصف فيها الرعب الذي شهده مع زملائه في ساحة المعركة وطلب منهم إرسال المساعدة. قال إنهم كانوا ليلاً يصيحون وينادون بافوميت وكنا نصلي للرب في قلوبنا، وعندما طلع النهار طردناهم وحاصرناهم حتى حدود المدينة لكن أصاب الجميع رعب. هنا كان أول مرة يسمعون بكلمة بافوميت. أصحاب الكنيسة كانوا يعرفون تمامًا صعوبة وخطورة هذا الاسم وما الذي يدل عليه. كل هذا سنتعرف عليه. هذا الكلام كان في سنة 1155 مع بداية الحملات الصليبية في الشرق الأوسط.
عندما نرجع قليلاً إلى مصدر آخر أقدم من هذا الخطاب لكي نحدد فعلاً أول لقاء للإنسان مع بافوميت وما دلالة هذا المصطلح الغريب، نجد في كتاب الزهار اليهودي، الذي يعتبر واحدًا من أشهر الكتب التراثية اليهودية انتشارًا بين الأحبار (علماء وفقهاء اليهود)، نجد أن بافوميت هو شيطان من الجن كان موجودًا قبل نزول آدم إلى الأرض. وكلوا لوسيفر بالغوا وإضل البشر. وكما تقول الترجمات والشروحات، بافوميت هذا واحد من معشر الجن الذين حضروا في فترة سوميا. سوميا هو أبو الجن وقائدهم. هذه كلها معلومات يجب أن نعرفها لكي نكون فاهمين بعضنا. المهم أن سوميا هذا هو الذي حاول أن يغزو السماء من قبل، فنزل عليهم عقاب شديد من الرب ونزلت الملائكة وعاقبت الجن بعذاب شديد وقضت عليهم جميعًا إلا مجموعة قليلة تمكنت الملائكة من طردهم ونفيهم إلى جزر بعيدة جدًا. وكان من ضمنهم بافوميت الذي جلس منتظرًا على الجزيرة وسط إخوانه من المطاريد. والانتظار كان طويلًا جدًا لم يستطع المنتظرون تحمله، خصوصًا أن المصير كان مجهولًا.
في نفس الوقت، كما نعلم، اصطحبت الملائكة واحدًا من الجن، واحدًا فقط، وكان عابدًا تقيًا لله عز وجل، والذي نعرفه جميعًا الآن باسم إبليس. نعم، في البداية كان تقيًا وكل هذه الأشياء. المهم، ظل الانتظار يطول ويطول إلى أن حدث ما لم يتوقعه أحد. في يوم من الأيام، خرج لوسيفر من الملكوت وصار اسمه إبليس لأنه أبلس من رحمة الله تعالى بعد أن تكبر ورفض أن يسجد لآدم وتمرد على كل شيء. وقتها، وبحسب الشروحات.
الغرابة الرجال دلهم على مكان تحت بيت المقدس، حفروا تحته إلى أن وصلوا إلى مجموعة كتب. هذه الكتب كتبها الشياطين بنفسهم. وعرفنا هذا عن طريق قصة وفاة سيدنا سليمان عليه السلام، في خطة خبيثة كان الغرض منها السيطرة الشيطانية على عقول كهنة بني إسرائيل. وهذا واضح جدًا في قصة هاروت وماروت. الكتب كانت مليئة بالطلاسم والتعاويذ. كانوا يقدرون من خلال كتابتها أو ممارسة الطقوس السوداوية الغريبة التي داخلها أن يتواصلوا مع البعد الآخر، وتحديدًا بافوميت بحد ذاته. لا، لا، ركزوا معي يا شباب.
الرواية الثانية تقول إنه في الكنيسة نفسها كانت هناك مخطوطات تحدثت عن الكتب المدفونة تحت بيت المقدس، وأن الشياطين دستها تحت عرش النبي سليمان بغرض الادعاء والاعتراض على ملكه. عندما علم الرهبان المسلحون بهذه القصة، وخصوصًا عندما استقرت أمورهم في القدس، كانت خطتهم القادمة هي الحفر لإخراج هذه الكتب وبعدها السيطرة على القوة التي تتواصل مع هذا البعد المظلم في الكون، الذي هو كما قلنا بافوميت.
المهم أن الروايتين لا تنكران أبدًا حقيقة وقوع هذه الكتب في يد فرسان المعبد الذين أخذوا الكتب وعادوا بها إلى أوروبا واستقروا تحديدًا في فرنسا. هناك جلسوا في معابد مسيحية صغيرة وأقاموا مراسم التواصل مع البعد الآخر، واستخدموا الطلاسم والتعاويذ التي تمكنوا من فك شفراتها من هذه الكتب لكي يتمثل لهم بافوميت شخصيًا. وبحسب اعترافات فرسان المعبد، كان ظهور بافوميت مختلفًا من شخص لآخر. يعني، هناك من شاهده وكأنه رأس قطة على جسم إنسان، وهناك من شاهده كرجل بثلاثة رؤوس. لم يتفق أحد على شكل موحد له. الأهم أنه كان يوصيهم بتنفيذ وصاياه مقابل أن يدلهم على مكان كنز مدفون أو طريقة يقدرون من خلالها كسب مبالغ كبيرة جدًا. وفعلاً، قوة وثروة فرسان المعبد وصلت إلى أنهم كانوا يستطيعون إقراض ملوك وحكام دول معينة.
التواصل أو تحضير بافوميت، حسب اعترافات فرسان المعبد، لم يكن يتم بشكل عشوائي أو بمجرد قراءة الطلاسم أو كتابتها على الجدران. الطقوس كانت معقدة جدًا وصعبة أكثر مما تتخيل بكثير. عرفنا هذا من اعترافات فرسان المعبد نفسهم بعد فترة، وكذلك من لائحة الاتهامات التي تم توجيهها لهم والتي كانت عبارة عن 100 تهمة. بعد قراءة لائحة الاتهامات هذه، يمكن معرفة مجموعة من الطقوس التي كانوا يقومون بها في أرض المعابد الصغيرة التي كانوا يعتبرونها مقرًا لإجراء هذه المراسم.
بعد فترة من وجودهم في أوروبا، وخصوصًا في سنة 1307، أصدر الملك الفرنسي فيليب الرابع أمرًا بالقبض عليهم. وبعد تعذيبهم، اعترفت مجموعة كبيرة منهم بأشياء كانت صادمة للغاية ولا تزال. هؤلاء اعترفوا أنهم ارتدوا عن المسيحية وأنهم كانوا يمارسون طقوسًا سرية تبدأ بالكفر وتنتهي بعبادة الشيطان، وأنهم مارسوا اللواط داخل الكنائس وتبولوا وبصقوا على الصليب. هذا غير أنهم كانوا يتعمدون تحقير المقدسات المسيحية. كل هذا لكي يكسبوا رضا الإله بافوميت عليهم ولكي يفي بوعده لهم في النفوذ والسيطرة والمال وغيره. الموضوع كان مرعبًا ومقززًا جدًا. استطاعوا أن يصلوا إلى كم رهيب من السلطة والنفوذ بدرجة كبيرة جدًا.
بافوميت هذا هو إله عبده الشيطان وهو مخلوق ناري كما نعلم، ومن أعلى رتب الشياطين وابن إبليس الأكبر والأوفى. وحتى الآن لا يزال موجودًا واقفًا على بوابات العالم السفلي يرد على كل شخص يناديه وينفذ له كل طلباته، لكن كل هذا تحت مجموعة من الطلبات التي يريدها هو.
بعد فترة، هربت مجموعة من قبضة القوات الفرنسية وذهبوا إلى اسكتلندا وأسسوا منظمة جديدة أشد سرية من قبل ولا تزال مستمرة في العالم تحت مسمى الماسونية أو البناؤون الأحرار. من خلال تعاليم بافوميت لهم، استطاعوا السيطرة على وسائل الإعلام والقوى السياسية في العالم كله. هذا غير أنهم يمثلون الكتلة الاقتصادية الأقوى في العالم ويسيطرون أيضًا على شيء يسمى الاقتصاديات الشبحية. وهذه يا عزيزي المشاهد عبارة عن حركات اقتصادية موجودة في الأسواق لكن لا أحد يستطيع رصدها أو تحديد حجم حركتها، لكنها ضخمة جدًا جدًا فوق ما تتخيل. العالم الآن يسوق عبدة بافوميت، أشهر شيطان في العالم.
والسؤال هنا يا إخوان، ما قصة الصورة المشهورة التي فيها رأس الماعز بجسم إنسان؟ ما اللغز وراءها؟ حسنًا، دعونا نقول إن سيرة بافوميت بدأت تنتهي، لكن بطبيعة الحال الجماعة الماسونية كان هدفها الرئيسي أن تظل سرية وتحافظ على نفسها من ظلم الكنيسة والحكام في أوروبا ولا تقع في نفس خطأ فرسان المعبد. فحاولوا أن يتكتموا على كل شيء، لكن طبعًا لا شيء يمكن أن يُخفى. كل الكتابات التي تحدثت عن بافوميت كانت قصائد وأشعار أو حتى حكايات تُروى عنه وتصفه بأشكال مثل التي وردت في اعترافات فرسان المعبد. لكن للعلم، هناك أشياء مختلفة وغير موحدة ولم نتمكن من وصفها بدقة تفيدنا حتى وصلنا إلى سنة 1856 وظهرت للضوء رسمة اسمها الماعز السبتي.
ما قصة هذه الرسمة؟ دعونا نقول إن شخصًا فرنسيًا اسمه إيليفاس ليفي، كان كاهنًا وراهبًا في الكنيسة في فرنسا، وعندما بلغ عمره 26 سنة، انفصل عن الكنيسة . عليها. يعني هو يريد أن يقول لك إن إبليس هو الذي شفع للإنسان عند ربنا لكي يسامحه، وأن الإنسان هو الوحش النذل عندما نزل إلى الأرض نكر الجميل الذي فعله إبليس معه وعبد ربنا وترك إبليس. يا أخي، ملعونين هؤلاء، حسبي الله عليهم. في سنة 1966، بُنيت أول كنيسة لعبادة الشيطان في أمريكا على يد أنطوان ليفي الذي ألّف كتابًا اسمه “إنجيل الشيطان” وقال فيه نفس كلام كراولي الذي قلناه، هذا غير أنه زاد عليه تشريعات وقيم تعاملات بين البشر وبعضهم. وقدم هذا في عدد كبير جدًا من المناظرات لكي يثبت صحة معتقده وأفكاره الغريبة في مواجهة الدينيين. وبسبب أفكاره هذه، انتشرت نوعية من الثقافة الشعبية في أمريكا والغرب عمومًا على هيئة الجوثيك أو الشيطانية. يسمونها الأفكار الشيطانية. وهذه الأشياء وصلت جذورها للأدب والموسيقى لدرجة أن عبادة الشيطان هذه وصلت إلى مصر في التسعينات. لدينا قضية مشهورة ومعروفة في الإعلام بقضية عبدة الشيطان، التي تم فيها القبض على المنظمين لحفلات وطقوس عبادة الشيطان، التي كانت تأخذ الطابع الأمريكي أكثر من الأوروبي وتتأثر بأفكارهم.
أنطوان ليفي هذا كان مؤمنًا بأن نوعيات محددة من الموسيقى العالية تستطيع تمامًا أن تنقل وعي الإنسان إلى مستوى روحاني متدنٍ يمكن من خلاله أن يتواصل مع الشيطان. يعني تسمع الموسيقى فتدخلك في مود روحاني غريب، ومنها تستطيع التواصل مع الشيطان. وبدأت تنتشر هذه القصة في أمريكا ومن بعدها للعالم إلى أن وصلت لمصر. نوعيات من الموسيقى هذه كانت تحتوي على طاقة سلبية كبيرة، وبسببها استمرت عبادة الشيطان في الانتشار أكثر وأكثر، لكن كل هذا بشكل خبيث ومتخفي ومن تحت لتحت. لكن رغم كل الطرق السرية هذه التي يحاولون فيها أن ينتشروا، بافوميت لم يختفِ. يمكنك أن ترى صورته في أفلام الكرتون على صورة رجل طيب رأسه رأس ماعز وجسده إنساني. ودائمًا يحاول الإعلام نشر اسم “ذا جوت” أو “الماعز” ويطلقون على النجوم الذين نحبهم مثل اللاعبين وغيرهم. ترى مثلاً أن كلمة “جوت” هذه اختصار لكلمة “جريتست أوف أول تايم” أو “الأعظم على مر العصور”. كل هذا هو محاولة منهم للسيطرة على الفكر والعقل والوعي وتقديم صورة الماعز بأنه الوجه المتزن والعظيم للإنسان رغم علم الإنسان بأن بافوميت هو خادم الشيطان.
بافوميت هذا شيطان دنيء جدًا، وهذا ما ذكر في التلمود اليهودي. كذلك لديه مهمة خاصة وهي أنه يضلل البشر ويغويهم ويجبرهم على عبادة الشيطان. ولأنه من أعلى رتب الشياطين، كان يتواصل مع فرسان المعبد بكل الوسائل والطرق الشاذة التي تحدثنا عنها. بالنسبة لصورته التي نراها كثيرًا داخل النجمة الخماسية الشيطانية، فهي صورة لكائن لديه كل شيء وعكسه. جسمه مثلاً جسم إنسان، لكن لديه جناحات طائر، رأسه رأس معزة، ولا تعرف إذا كان ذكرًا أم أنثى. لديه يدان، واحدة للذكر والأخرى للأنثى. جسمه من فوق جسم أنثى ورجلاه من تحت رجلا ذكر. بسبب كل هذه التناقضات التي تجسد فيها، كل الذين يعبدونه يظنون أنه رمز لتوازن الكون والكمال والاتزان. وبعدما كانوا يعبدونه في السر والخفاء، صارت عبادته علنية ويقومون بها في العلن أمام الجميع. يستخدمونه في السحر والتنجيم منذ بداية القرن التاسع عشر، خصوصًا بعد ما تحدث عنه إيليفاس ليفي. بعد فترة، بنوا له كنائس خاصة، وكانت أولها كنيسة الشيطان كما قلنا في مدينة سان فرانسيسكو، ووضعوا تمثالًا كبيرًا لبافوميت أمام باب المدينة. هذه الكنيسة نشرت وصايا بافوميت السبعة في العالم. هذه الوصايا يسمونها عبدة الشيطان وصايا البقاء، التي في مضمونها أن البشر يجب أن يغرقوا في الشهوات ويشبعوا كل رغباتهم لأن الشيطان يحميهم، وأن الحب للضعفاء والانتقام أفضل من الرحمة، ولا توجد أي أديان لأن الأديان ضد السعادة. لا تشغل بالك بالذنوب والخطايا التي ترتكبها لأن الشيطان لن يحاسبك عليها. طبيعي يا هطوف، لن يحاسبنا الشيطان لأننا مسلمون ومؤمنون بربنا، هو الذي سيحاسبنا. لكن أنتم ابتعدوا عنا. المهم أنهم يرون أن من لا يلتزم بهذه الوصايا التي تحدثنا عنها ملعون.
مع الوقت، يا إخوان، زادت سيطرة بافوميت وصار يسيطر على عقول وفكر مجموعة كبيرة من البشر ويحلل لهم كل الذنوب والمعاصي والخطايا. صار لديه أتباع كثيرون بنوا له معابد، وأشهرها المعبد الكبير. هذا المعبد يمارسون فيه كل أشكال السحر الأسود. تبدأ الطقوس بأنهم يجلبون ضحية ويضعونها أمام تمثال بافوميت ويرسمون على جسمها النجمة الخماسية. بعد ذلك يمسك رئيسهم سكينًا ويردد مجموعة من التعاويذ الخاصة ببافوميت ويذبح القربان، فيرد عليهم بافوميت بصوته من خلال التمثال. يا أخي، ما كل هذا الكفر والعياذ بالله؟ طبعًا كلنا نعرف لماذا يقومون بكل هذه الأشياء. كل هذا من أجل الأموال والكنوز التي يخبرهم بمكانها. يعني أنتم تعبدونه بمقابل. طيب، لو انقطعت كل هذه الأشياء، ماذا ستفعلون وقتها؟ المهم أن نكون عارفين ديننا ولا نذهب وراء أي شيء أو كلام. الحقيقة يجب أن تكون راسخة وثابتة في عقولنا وقلوبنا، وإيماننا يجب أن يكون قويًا ولا يهزه شيء. لأن العالم صار يشاركنا فيه أصناف غريبة لديهم ميول وأفكار غريبة. المشكلة أنهم لا يكتفون بذلك، بل يريدونك أن تكون معهم وتفعل كل شيء مثلهم، وأنك لا تعارضهم أبدًا أو تقول إن ما فعلوه هذا خطأ.
بهذا، يا أحبائي، تكون حلقتنا قد انتهت عن الشيطان الأخطر في العالم وحامي بوابات العالم السفلي، بافوميت.