وحيد في المنزل

وحيد في المنزل
Facebook
WhatsApp
Telegram
X

بقلم:سامر الاحمدي

في ليلة شتوية موحشة، كان يزن يجلس وحده في المنزل يتأمل جدران غرفته التي بدت باردة وعقيمة دون أي حياة حوله. كان المنزل كبيرًا وعتيقًا مليئًا بالذكريات، لكنه في تلك الليلة بدا فارغًا وكأنه يحمل في طياته شيئًا خفيًا ينتظر من يكتشفه. فقد سافرت عائلته فجأة في رحلة طارئة وتركوه وحيدًا لأول مرة في هذا المكان الذي يعرفه جيدًا، لكنه بدا غريبًا حين حل الظلام مع انقطاع الكهرباء المفاجئ بسبب العاصفة التي تضرب المنطقة.عم الظلام المنزل بشكل كامل إلا من ضوء الهاتف الذي كان يحمله بيده. حاول يزن أن يتجاهل صوته الداخلي الذي يحثه على الشعور بالخوف، فشغل هاتفه وحاول الانشغال بمقاطع الفيديو والألعاب. لكن صوت الرياح العاتية التي تهز النوافذ وصوت الرعد المدوي جعل قلبه يخفق بشدة. “أنا في أمان هنا”، همس لنفسه محاولًا تهدئة عقله المتوتر. وبينما كان يحاول التركيز على هاتفه، سمع صوتًا خافتًا يأتي من الطابق العلوي. كان الصوت أشبه بخطوات ثقيلة تتنقل ببطء من غرفة إلى أخرى، ثم اختفى.شعر يزن أن هناك شيئًا غريبًا، لكنه حاول طمأنة نفسه بأن هذه الأصوات ربما تكون مجرد الرياح. حاول تجاهل الصوت، لكن عندما ساد الهدوء مرة أخرى، عاد الصوت هذه المرة أقرب وأوضح. جلس يزن متجمدًا في مكانه، يحاول أن يقنع نفسه بأنها مجرد أصوات عشوائية. لكنه بعد فترة شعر بشيء غريب، كان الهواء حوله يزداد برودة، وأنفاسه أصبحت ثقيلة. مع كل محاولة للهروب من الأفكار المزعجة، ازداد الصوت وضوحًا وكأنه ينبع من داخل المنزل.قرر أخيرًا أن يتحلى بالشجاعة ويتفقد المكان. رفع ضوء هاتفه وسار ببطء إلى باب الغرفة، فتحه بحذر ونظر إلى الخارج. كان الممر خاليًا ومظلمًا، وكان الصمت أشد قسوة. تردد للحظة لكنه جمع شجاعته وبدأ يتقدم ببطء نحو الدرج المؤدي للطابق العلوي. خطواته كانت ثقيلة وأصوات خشب الدرج تتجاوب مع كل خطوة وكأنها تخفي شيئًا ينتظر في الأعلى.عندما وصل إلى الطابق العلوي، بدأت يداه ترتجفان، لكن دفعه الفضول أو ربما إحساسه بشيء غامض يجذبه. فتح باب إحدى الغرف، كانت فارغة، لكنه شعر فجأة ببرودة شديدة وكأن المكان خالٍ من أي حياة. إلا أنه كان مليئًا بطاقة غريبة. بينما كان يتفحص المكان، انتبه إلى أن باب غرفة أخرى قد انفتح ببطء دون أن يلمسه أحد. توقف للحظة مترددًا بين الهروب والاقتراب، لكنه استجمع شجاعته ودخل.في تلك اللحظة، سمع صوتًا خافتًا كأنه همسة تخرج من جدران المنزل. الصوت كان يناديه باسمه: “يزن”. تراجع للخلف، قلبه يكاد يقفز من صدره، لم يكن هناك أحد في المنزل سواه. فكيف يعقل أن يكون هناك من يناديه؟ بدأ يتراجع ببطء، لكن الصوت اقترب أكثر وكأن أحدًا يقف خلفه مباشرة. استدار بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد. بدأت أنفاسه تتسارع وبدأ قلبه بالخفقان بشدة، شعر بارتجاف في جسده وكأن هناك من يراقبه عن قرب.قرر النزول مجددًا إلى الطابق السفلي، فقد بات شعوره بالقلق والخوف أقوى من أي وقت مضى. عندما وصل إلى أسفل الدرج، شعر بنسيم بارد يمر بجانبه ومعه صوت همسات غامضة تملأ المكان. ركض إلى غرفة المعيشة وأغلق الباب خلفه محاولًا حبس أنفاسه لالتقاط ما تبقى من شجاعته. وبينما هو جالس يحاول أن يستعيد هدوءه، بدأ يسمع أصوات خافتة تأتي من داخل الغرفة نفسها. هذه المرة، كان الصوت قريبًا بشكل مخيف وكأنه ينبعث من داخل الجدران أو من الأرض تحت قدميه.بدأ يتساءل بذهول: “هل هناك أحد هنا معي؟ هل أنا أتخيل؟” لكن الصوت كان حقيقيًا وواضحًا. لم يعد بوسعه التحمل أكثر، فحاول الاتصال بأحد أصدقائه، ولكن للأسف لم تكن هناك إشارة للهاتف وكان المكان معزولًا تمامًا عن العالم الخارجي. استسلم أخيرًا للخوف وبدأ بالصلاة بصوت خافت محاولًا طرد هذا الشعور المزعج. ولكن فجأة سمع طرقات على باب الغرفة، طرقات ثقيلة وبطيئة. توقف قلبه للحظة، لم يعد يستطيع التفكير، كل ما كان يشعر به هو الخوف العارم الذي شل حركته.سمع صوتًا يناديه مجددًا من خلف الباب: “يزن، افتح الباب”. في تلك اللحظة فقد يزن تماسكه وبدأ يصرخ بصوت عالٍ محاولًا أن يبعد هذا الكابوس عن عقله. لكنه حين نظر حوله لم يجد شيئًا، وكأن الأصوات قد اختفت فجأة تاركة وراءها هدوءًا مخيفًا وصمتًا مرعبًا. جلس يزن مستسلمًا بين الخوف والذهول. عندما أطل الصباح أخيرًا، كان قد عايش واحدة من أكثر الليالي رعبًا في حياته. ليلة لن ينساها أبدًا، تاركة في قلبه أثرًا غريبًا كأن شيئًا غامضًا قد زاره في تلك الليلة ولن يرحل أبدًا.مرت أيام بعد تلك الليلة الغامضة التي حبست فيها الأنفاس، لكن يزن لم يستطع الهروب من الشعور بأن شيئًا غير طبيعي يسيطر على منزله وعلى روحه. كان يجلس في غرفة، تحدق عيناه في الفراغ بلا حراك، بينما ذكريات الأصوات والهمسات التي سمعتها أذنه لا تزال تلاحقه. كلما أغلق عينيه، سمع تلك الهمسات تردد صداها في عقله وكأنها جزء من أفكاره الآن.ظن أصدقاؤه وأسرته أن يزن بدأ ينهار نفسيًا، لكنه كان يعلم أن ما يحدث له لم يكن مجرد وهم أو خيال، بل كان حقيقة مرعبة لا يمكن تفسيرها. حاول كثيرًا الهروب من المنزل، أن يخرج ويبحث عن سلام عقله خارج جدرانه، لكن مع كل محاولة كان يُجبر على العودة، وكأن قوة خفية تجذبه وتمنعه من المغادرة.في إحدى الليالي، قرر يزن أخيرًا مواجهة هذا الكابوس الذي يسكن منزله ويطارده. أخذ معه مصباحًا وبعض أدوات الحماية التي وجدها في المنزل، عازمًا على اكتشاف حقيقة ما يحدث مهما كان الثمن. بدأ بتفقد الطابق السفلي مرة أخرى، غرفة تلو الأخرى، بحثًا عن أي علامة تدل على مصدر هذه الأصوات أو الهمسات. فجأة توقف عند باب قديم في نهاية ممر معتم لم يلاحظه من قبل. كان الباب مغلقًا بإحكام وبدا عليه القدم وكأنه لم يُفتح منذ سنوات. كانت هناك طاقة غريبة تشع منه تجعله يقترب رغم الخوف الذي يعتريه. ببطء، مد يده وفتح الباب ليجد وراءه سلمًا صغيرًا يقود إلى قبو مظلم أسفل المنزل، مكان لم يعرف بوجوده من قبل. نزل ببطء إلى القبو، وكل خطوة كانت تقربه أكثر من الحقيقة وتزيد من تسارع دقات قلبه. في أسفل السلم، وجد غرفة مظلمة مضاءة بضوء خافت من شموع تشتعل في زواياها وكأن شخصًا قد أعدها لاستقبال زائر غير مرغوب فيه. كان هناك شيء غريب في هواء الغرفة، رائحة رطوبة مختلطة بشيء آخر، شيء كريه وغير معروف. فجأة، لمح وسط الغرفة مرآة قديمة ضخمة مغطاة بطبقة كثيفة من الغبار. اقترب منها ببطء، ثم مسح بيده سطحها ليكشف عن وجهه المنعكس، لكنه لم يكن وحده، فقد ظهر خلفه ظل غامض، شخص يشبهه تمامًا لكنه يبتسم ابتسامة خبيثة وباردة.تراجع يزن مذعورًا، لكن الظل لم يختفِ، بل ازدادت ابتسامته غموضًا. فجأة، بدأ الظل يتحدث، لكن بصوت يزن نفسه: “ألم تدرك بعد يا يزن؟ أنت لم تكن وحيدًا في هذا المنزل أبدًا. نحن هنا منذ زمن، نراقب وننتظر هذه اللحظة.” حاول يزن أن يصرخ، لكن صوته لم يخرج وكأن الظل قد استولى على صوته وحركته. بدأت الغرفة تدور من حوله وازدادت الظلال كثافة ملتفة حوله كدوامة. حاول أن يهرب، أن يتحرك، لكن كان جسده مسلوب الإرادة وكأن قوته تُسحب منه شيئًا فشيئًا. وبينما كان يوشك على الاستسلام، بدأ الظل يقترب منه أكثر فأكثر حتى أصبح وجهه وجهًا ليزن نفسه. همس له بصوت مخيف: “لقد أصبحنا واحدًا الآن، هذا المنزل لنا، وسنظل هنا للأبد.”في تلك اللحظة، غشي على يزن وسقط على الأرض. عندما استعاد وعيه، وجد نفسه جالسًا في غرفة المعيشة، لكن شيئًا لم يعد كما كان. شعر وكأنه مسلوب الروح، وكأن روحه لم تعد تنتمي له. نظر حوله ورأى صورته منعكسة في المرآة، لكنه لم يرَ يزن المعتاد، بل وجهًا شاحبًا بعيون فارغة كأنها تحمل روحًا أخرى، روحًا عتيقة ومظلمة.منذ تلك الليلة، لم يعد أحد يرى يزن كما كان. أصبح يتحدث بصوت غريب يحمل معه همسات الماضي ويتحرك في المنزل وكأن شخصين يسكنانه، شخصًا من الماضي وآخر من الحاضر. عندما يسأل الناس عن يزن، لا يجدون سوى شبح يسكن جسده، شبحًا قد سكن هذا المنزل لعقود ولم يكن ينوي الرحيل أبدًا. وهكذا انتهت ليلة أخرى بالنسبة ليزن الذي ظن أنه كان وحيدًا في المنزل، لكنه لم يكن أبدًا وحده حقًا.مرت أيام بعد تلك الليلة الغامضة التي حبست فيها الأنفاس، لكن يزن لم يستطع الهروب من الشعور بأن شيئًا غير طبيعي يسيطر على منزله وعلى روحه. كان يجلس في غرفته، تحدق عيناه في الفراغ بلا حراك، بينما ذكريات الأصوات والهمسات التي سمعتها أذناه لا تزال تلاحقه. كلما أغلق عينيه، سمع تلك الهمسات تردد صداها في عقله وكأنها جزء من أفكاره الآن.ظن أصدقاؤه وأسرته أن يزن بدأ ينهار نفسيًا، لكنه كان يعلم أن ما يحدث له لم يكن مجرد وهم أو خيال، بل كان حقيقة مرعبة لا يمكن تفسيرها. حاول كثيرًا الهروب من المنزل، أن يخرج ويبحث عن سلام لعقله خارج جدرانه، لكن مع كل محاولة كان يُجبر على العودة، وكأن قوة خفية تجذبه وتمنعه من المغادرة.في إحدى الليالي، قرر يزن أخيرًا مواجهة هذا الكابوس الذي يسكن منزله ويطارده. أخذ معه مصباحًا وبعض أدوات الحماية التي وجدها في المنزل، عازمًا على اكتشاف حقيقة ما يحدث مهما كان الثمن. بدأ بتفقد الطابق السفلي مرة أخرى، غرفة تلو الأخرى، بحثًا عن أي علامة تدل على مصدر هذه الأصوات أو الهمسات. فجأة، توقف عند باب قديم في نهاية ممر معتم لم يلاحظه من قبل. كان الباب مغلقًا بإحكام وبدا عليه القدم وكأنه لم يُفتح منذ سنوات. كانت هناك طاقة غريبة تشع منه تجعله يقترب رغم الخوف الذي يعتريه. ببطء، مد يده وفتح الباب ليجد وراءه سلمًا صغيرًا يقود إلى قبو مظلم أسفل المنزل، مكان لم يعرف بوجوده من قبل.نزل ببطء إلى القبو، وكل خطوة كانت تقربه أكثر من الحقيقة وتزيد من تسارع دقات قلبه. في أسفل السلم، وجد غرفة مظلمة مضاءة بضوء خافت من شموع تشتعل في زواياها وكأن شخصًا قد أعدها لاستقبال زائر غير مرغوب فيه. كان هناك شيء غريب في هواء الغرفة، رائحة رطوبة مختلطة بشيء آخر، شيء كريه وغير معروف. فجأة، لمح وسط الغرفة مرآة قديمة ضخمة مغطاة بطبقة كثيفة من الغبار. اقترب منها ببطء، ثم مسح بيده سطحها ليكشف عن وجهه المنعكس، لكنه لم يكن وحده، فقد ظهر خلفه ظل غامض، شخص يشبهه تمامًا لكنه يبتسم ابتسامة خبيثة وباردة.تراجع يزن مذعورًا، لكن الظل لم يختفِ، بل ازدادت ابتسامته غموضًا. فجأة، بدأ الظل يتحدث، لكن بصوت يزن نفسه: “ألم تدرك بعد يا يزن؟ أنت لم تكن وحيدًا في هذا المنزل أبدًا. نحن هنا منذ زمن، نراقب وننتظر هذه اللحظة.” حاول يزن أن يصرخ، لكن صوته لم يخرج وكأن الظل قد استولى على صوته وحركته. بدأت الغرفة تدور من حوله وازدادت الظلال كثافة ملتفة حوله كدوامة. حاول أن يهرب، أن يتحرك، لكن كان جسده مسلوب الإرادة وكأن قوته تُسحب منه شيئًا فشيئًا. وبينما كان يوشك على الاستسلام، بدأ الظل يقترب منه أكثر فأكثر حتى أصبح وجهه وجهًا ليزن نفسه. همس له بصوت مخيف: “لقد أصبحنا واحدًا الآن، هذا المنزل لنا، وسنظل هنا للأبد.”في تلك اللحظة، غشي على يزن وسقط على الأرض. عندما استعاد وعيه، وجد نفسه جالسًا في غرفة المعيشة، لكن شيئًا لم يعد كما كان. شعر وكأنه مسلوب الروح، وكأن روحه لم تعد تنتمي له. نظر حوله ورأى صورته منعكسة في المرآة، لكنه لم يرَ يزن المعتاد، بل وجهًا شاحبًا بعيون فارغة كأنها تحمل روحًا أخرى، روحًا عتيقة ومظلمة.منذ تلك الليلة، لم يعد أحد يرى يزن كما كان. أصبح يتحدث بصوت غريب يحمل معه همسات الماضي ويتحرك في المنزل وكأن شخصين يسكنانه، شخصًا من الماضي وآخر من الحاضر. عندما يسأل الناس عن يزن، لا يجدون سوى شبح يسكن جسده، شبحًا قد سكن هذا المنزل لعقود ولم يكن ينوي الرحيل أبدًا. وهكذا انتهت قصة يزن الذي ظن أنه كان وحيدًا في المنزل، لكنه لم يكن أبدًا وحده حقًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع قد تهمك

error: المحتوى محمي !!
arالعربية