كانت سارة تحب القراءة، وكانت تنغمس في عوالم مختلفة وتتعرف على شخصيات مثيرة للاهتمام وتشعر بالمغامرة والإثارة. كانت تحب الروايات الخيالية والعلمية والتاريخية والرومانسية، لكن ما كانت تحبه أكثر من ذلك كله كانت قصص الرعب. كانت تحب الشعور بالخوف والتشويق والغموض، وكانت تحب القصص التي تجعلها تنام مع الضوء مضاءً. لذلك عندما سمعت عن كتاب جديد يسمى “الظلام الأبدي” لم تتردد أبدًا في شرائه. كان الكتاب من تأليف مؤلف مجهول ولم يكن له أي معلومات عنه على الغلاف أو في الصفحة الأخيرة. كل ما كان موجودًا هو عنوان الكتاب وصورة باب مغلق مع علامة تحذير تقول “لا تفتح”. كان الكتاب يبدو مثيرًا للاهتمام وغامضًا، لا فهرس أو مقدمة. كانت القصة تبدأ مباشرة. سارة بدأت في القراءة وانغمست في الكلمات. كانت القصة عن رجل يسمى ديفيد، كان يعمل كمحقق خاص وكان يتعقب قاتلًا متسلسلًا يقتل ضحاياه بطرق مروعة ويترك وراءه رسائل غامضة مكتوبة بالدم. كان القاتل يلقب نفسه بالظلام الأبدي ويدعي أنه يعمل بأمر من قوة أعلى. كان ديفيد مصممًا على إيقافه وكشف هويته ومعرفة دوافعه. سارة كانت مفتونة بالقصة، تشعر بالتوتر والفضول والرهبة. كان الكاتب يصف المشاهد بتفاصيل واقعية ومخيفة، ويخلق جوًا من الرعب والغموض. كانت سارة تتساءل عما سيحدث بعد ومن هو القاتل وما هي القوة الأعلى التي يتبعها. كانت تقرأ بسرعة وتتجاوز الصفحات، لكن بعد مرور بضع ساعات بدأت تشعر بشيء آخر، شيء لم تشعر به من قبل، شيء غريب ومقلق. بدأت تشعر بأن القصة تؤثر عليها بطريقة غير طبيعية، بدأت تشعر بأنها ليست مجرد قارئة بل جزء من القصة، بدأت تشعر بأنها تعيش ما يعيشه ديفيد وترى ما يراه وتسمع ما يسمع. بدأت تشعر بأنها تتواصل مع القاتل وتتلقى رسائله، بدأت تشعر بأنها في خطر. سارة حاولت تجاهل هذا الشعور واعتبرته مجرد تأثير للقصة، حاولت التركيز على القراءة والاستمتاع بالقصة، لكن الشعور لم يزل بل أصبح أقوى وأكثر وضوحًا. بدأت سارة تشعر بالخوف والهلع، بدأت تشعر بأنها ليست في شقتها بل في مكان آخر، مكان مظلم وبارد ومرعب، مكان يسمى بالظلام الأبدي. سارة أرادت أن توقف القراءة وتغلق الكتاب وتنسى كل شيء، لكنها لم تستطع، كانت مدمنة على القصة، كانت تريد معرفة النهاية، كانت تريد معرفة من هو القاتل وما هي القوة الأعلى وماذا سيحدث لديفيد. كانت تريد معرفة ماذا سيحدث لها. سارة واصلت القراءة ولم تنظر إلى الساعة، لم تلاحظ أن الليل قد مر وأن الشمس قد طلعت، لم تلاحظ أن هاتفها قد رن وأن صديقتها قد اتصلت بها، لم تلاحظ أن باب شقتها قد فتح وأن والدتها قد دخلت، لم تلاحظ أي شيء سوى الكتاب. والدة سارة كانت قلقة عليها، لم تسمع منها منذ يومين، حاولت الاتصال بها لكنها لم تجب، قررت الذهاب إلى شقتها والتحقق منها، ربما كانت مريضة أو مشغولة أو في مشكلة. والدة سارة كانت تحب ابنتها وتهتم بها كثيرًا. وصلت والدة سارة إلى شقة سارة واستخدمت المفتاح الاحتياطي لفتح الباب، دخلت الشقة ونادت: “سارة، سارة هل أنت هنا؟” لم تسمع أي رد. شعرت بالقلق، نظرت حولها ورأت أن الشقة كانت في حالة من الفوضى، كانت الأواني والأطباق متراكمة في المطبخ، كانت الملابس والأوراق مبعثرة في الصالة، كانت الأضواء والتلفزيون والكمبيوتر مشتعلة، كانت تبدو وكأنها لم تغادر هذه الشقة منذ أيام. والدة سارة توجهت إلى غرفة نوم سارة وفتحت الباب، وما رأته هناك جعلها تصرخ بصوت عالٍ. فوق السرير، رأت سارة ميتة، عيناها مفتوحتان وكأنها تنظر إليها، وفي يدها كانت تحمل كتابًا احمر مع عنوان أسود “الظلام الأبدي”. انهارت والدة سارة على الأرض وبدأت بالبكاء، لم تستطع تصديق ما تراه، لم تستطع فهم ما حدث، كيف ماتت سارة؟ ما هو هذا الكتاب؟ وما هي القصة التي كانت تقرأها؟ وما علاقته بموتها؟ في تلك اللحظة، سمعت صوتًا آخر، صوتًا لا ينتمي إلى هذا العالم، صوتًا مخيفًا ومرعبًا.
لعنة الظلام: الكتاب الذي قتل القارئة
لعنة الظلام: الكتاب الذي قتل القارئة
Facebook
WhatsApp
Telegram
X