جاري التحميل الآن

قصتي مع الجن المسلم في رمضان

 

أولي وجهتي، كنت خائفًا، نعم، لكن في دواخلي يخالجني فرح خفي. أخيرًا دافعت عن نفسي، أخيرًا قلت لا للظلم. كنت ربما هذه أول مرة أخرج فيها من القرية. جريت كثيرًا دون أن ألتفت خلفي حتى تأكد لي أن لا أحد في أثري. كنت منهكًا من الركض، صار الوقت عصرًا، عليّ أن أجد ما آكل وما أشرب قبل غروب الشمس. وبين تلك التلال البعيدة وجدت مكانًا ظليلًا كثير الشجر. قلت: “هنا، هنا سأبقى لاتقي من لفحات الشمس الحارقة، ومن الصعب أن يجدني أحدهم في هذا المكان”. قررت أن أرتاح هناك، فتمددت تحت الشجرة، غلبني النعاس من شدة التعب، ولم أستيقظ حتى حلّ الظلام. لقد فات وقت المغرب! أنا أتضور جوعًا وعطشًا، ما عساني أفعل الآن؟ المكان خالٍ تمامًا، ولا من يسعفني بشربة ماء. لن أمكث هنا، عليّ أن أبحث عمّا أسدّ به رمقي.مشيت طويلًا بين التلال والمرتفعات حتى وصلت إلى أحد الأودية. كان فجًّا بين جبلين، والوادي جاف تمامًا، فقد عمّ القحط كل الأرجاء في تلك الفترة. صرت ألتفت يمنة ويسرة، لعلي ألمح أضواء قرية قريبة، لكن لا شيء غير الظلام وصوت البوم يؤنس وحشتي. فجأة سمعت صوت أنين، كان أحدهم يتألم! كان الأمر مخيفًا، من يتألم في هذا المكان القفر؟ ولماذا؟ أهذا صوت إنسان أم حيوان؟ أردت الابتعاد عن المكان، وكنت أمشي كالمتيه، فإذا برجل يخرج أمامي، يتكئ على عصا طويلة ويمشي كأنه يعرج. كان يرتدي جلبابًا بني اللون وعلى رأسه عمامة بيضاء.بقيت متسمّرًا مكاني أنظر إليه، فقال لي: “تسمع شخصًا يتوجّع ألمًا ثم تغادر دون أن تحاول مساعدته؟ ما هذا! أليس لديك إحساس؟” بدأت أتلجلج محاولًا الردّ، وقلت: “أستسمحك عذرًا يا سيدي، لم أنتبه، لم أكن أعلم أنك بالجوار.” ثم تقدّم وهو يتكئ على عصاه، وقال: “أعذرك، أعذرك يا بني.” قلت له مستغربًا: “تعذرني؟ لماذا؟” فردّ عليّ: “يبدو عليك التعب والإرهاق، هل أنت مطرود؟” قلت له: “لا، بل هارب.” فالتفت الشيخ نحوي، وتفحّصني بنظرة لم أفهم معناها، ثم قال: “كنت أريدك أن تساعدني، لكن يبدو أنك أنت من يحتاج المساعدة.” كان لا يزال الاندهاش بادياً على ملامحي حين قلت له مرتبكًا: “قل لي فقط كيف يمكنني مساعدتك؟ سأبذل قصارى جهدي!” فنظر العجوز نحو الجبل وصمت هنيهة، ثم قال: “ما أحتاجك فيه صعب، لكن ما تحتاجني أنت فيه أصعب.”ثم حمل العجوز عصاه وأشار لي قائلًا: “لكن أولًا، انظر هناك، خلف تلك الكومة من الأحجار، ستجد تمرًا وقربة ماء، لعلك لم تأكل شيئًا منذ الأمس.” وما إن سمعت كلامه حتى هرعت بسرعة إلى حيث أشار لي، فوجدت فعلًا الماء والتمر، فأكلت حتى شبعت، ثم شربت حتى ارتويت. التفت من حولي أريد أن أشكر الرجل، لكني لم أجده! لا أدري أين ذهب! الحمد لله، لم يخبرني كيف سأساعده، لذا الآن سأمضي في سبيلي، لكن… إلى أين سأذهب؟ الظلام الدامس يسيطر على المكان، والتلال والجبال تحيط بي من كل جانب. صعدت إلى تلٍّ مجاور، وقررت النداء على الشيخ لعله يخبرني أي طريق أسلكه. بدأت أنادي: “أيها الشيخ! أيها الشيخ! أين أنت؟” لا مجيب سوى صدى صوتي ونعيق غراب أسود يحلق بالجوار.كررت النداء للمرة الثالثة، فسمعت في اللحظة ذاتها صوتًا من خلفي يقول: “هل تبحث عني يا بني؟” أصابني الذعر، وأنا أتساءل في نفسي: من أين خرج هذا العجوز؟ نظر إلي مليًّا، ثم قال: “أردت أن أتركك لتأكل على راحتك.” فقلت له ممتنًا: “بارك الله فيك يا عم، كما أطعمتني وسقيتني، والآن أنا رهن إشارتك، بما أستطيع خدمتك، وإن كنت تسكن بالجوار فأنا مستعد للعمل عندك مقابل رغيف خبز وشربة ماء.” نظر إلي العجوز مبتسمًا ابتسامة خفيفة، وقال: “أليس لك مكان تأوي إليه؟” قلت له بأسى: “لا، ليس لدي.” ردّ بيقين: “بلى، يمكنك العودة إلى القرية، إلى أهلك وعشيرتك.” فقلت له والحزن غالب على صوتي: “أي أهل؟ وأي عشيرة؟”لم أشأ أن أخبر الرجل بأمري، خشيت أن يفشي سري ويخبر من يبحثون عني عن مكاني. ثم سألني: “ما اسمك؟ قلت له: “عبد العزيز، وأنت يا حاج؟” فقال: “سمِّني الحاج إن شئت. اسمعني جيدًا يا عبد العزيز، يمكنك أن تعمل معي، عمل واحد فقط، لكنه سيغنيك بقية حياتك.” بقيت أنظر إلى الرجل في ذهول مما يقول، وأقول في نفسي: “هو حتمًا يهزأ بي!” ثم أضاف وهو يقف متكئًا على عصاه: “لكن قبل ذلك، ما حكايتك أنت؟”قلت له محاولًا التهرب من الإجابة: “بعض المشاكل جعلتني أخرج من القرية.” فضحك العجوز، ثم قال لي: “لقد علمت بكل ما جرى، لكني كنت أحب أن أسمع منك. وتأكد أنه لن يصيبك مني شر، بل على العكس، سأساعدك، وأنت أيضًا ستساعدني.” أحسست بصدق الرجل، وقررت أن أحكي له قصتي كاملة. أخبرته أني تائه، هائم، ولا أدري إلى أين ستأخذني قدماي. مشى الرجل بضع خطوات وهو يقول: “لقد خرج كل من في القرية يبحثون عنك يحكي بطل قصتنا اليوم عن نفسه فيقول:

اسمي عبد العزيز. في أيام شبابي كنت أعيش في بيت والديَّ بإحدى القرى. كنا عشرة إخوة، وكنت أصغرهم، فكانوا يكلفونني بأحقر الأعمال ولا يكفون عن تسخيري في أغراضهم. ولم يكن ذلك يزعج والديَّ. في بعض الأحيان كنت أشعر كأني لست ولدهم، بل شخص غريب عنهم، مهمته أن يخدمهم فقط. كنت ألمس الجفاء والغلظة من والدي وإخوتي، ولم أكن أعرف سبب ذلك.

كان والدي متزوجًا من امرأتين، توفيت الأولى – رحمها الله – وبقيت أمي التي ربت إخوتي وأبناء ضرتها. ورغم أنها والدتي، إلا أني لم أجد منها عطفًا كما تعطف على الآخرين. شيء محير فعلًا في قريتنا كان هناك شخص يسمونه القاضي، هو من يفض النزاعات ويحسم المشاكل بين الناس، لكنه لم يكن عادلًا. ربما كان متحيزًا لكبار القرية على حساب ضعفائها، فكان الظلم منتشرًا وطغيان السادة ساريًا. وبمرور السنين، تزوج إخوتي جميعًا وبقيتُ أنا مع والديَّ. أصبحت مع القهر والقمع الذي عشته شخصًا انطوائيًا، لا أجيد الدفاع عن نفسي ولا التعبير عن مشاعري، فصار الناس ينعتونني بالممسوس أو المسحور. حتى والديَّ صدّقا هذا الكلام. رغم أننا كبرنا، إلا أن إخوتي لا يزالون يعاملونني بنفس المعاملة الحقيرة. الوحيد الذي كان يكلمني ويعاملني كبشر له قيمة كان رجلًا كبيرًا في السن اسمه “السبيتي”. لعله بلغ الستين، لكنه كان يبدو بصحة جيدة، ذو لحية كثيفة ونظرة حادة تخيف الجميع. لم يكن من أهل القرية، وكان منبوذًا لا يحبه أحد… مثلي تمامًا. وكان يحاول دائمًا الدفاع عني إذا رأى من يظلمني. كان بيته على أطراف القرية، وكنت أزوره دومًا، فيفرح بزيارتي. حتى وإن سمعني أتلجلج في الكلام، لم يكن يضحك أو يسخر مني كما يفعل الآخرون. كان الجميع يغضب مني حين يعلمون أني أزوره، وكانوا يرمونني بالشتائم، رغم أنه رجل مسالم لا يكلم أحدًا ولا يختلط بالناس. عاش السبيتي في دار صغيرة مبنية فوق مخزن قديم للقمح، وكان أهل القرية يتجنبونه ويهابونه. كثرت حوله الأقاويل، فبعضهم يهمس بأنه مجرم هارب من العدالة، لكنه كان رجلًا غامضًا يعيش وحيدًا ويخدم نفسه بنفسه. الغرائب التي تحدث في القرية في قريتنا، كنا نسمع صرخات عالية في الليل، وحين نخرج لا نجد مصدرها. أصوات غريبة وأحداث مرعبة. وإن قُدّر لأحدهم الخروج ليلًا، فقد يرى أشخاصًا بهيئات غريبة يمشون بقربه، أو أقزامًا يركضون هنا وهناك. بل إن البعض أكّد سماع أصوات لعب وضحك صبيان قرب منزله، لكنه حين يخرج لا يرى أحدًا! كثيرون في القرية كانوا يجزمون بأنها مسكونة بالغيلان، وكان البعض يتهامسون بأن للسبيتي يدًا فيما يجري من غرائب. نصيحة السبيتي كنت أجلس مع السبيتي كثيرًا، وعرفت عنه العديد من الأمور. لقد كان يعيش على الصيد، وقد يقضي أيامًا في الغابة. لكنه كان يسافر مرة واحدة في السنة خلال شهر رمضان. لم يكن يخبرني عن وجهته، لكن المريب أن بيته – رغم كونه مغلقًا أثناء غيابه – كان بعض أهل القرية يسمعون أصواتًا قادمة منه، ما جعلهم يعتقدون أنه مسكون بالجن. قبل رمضان بيومين، مررت بجوار بيت السبيتي، فسلّمت عليه من بعيد، فأشار لي بالقدوم. جلست معه قرب بيته. رغم أني أقرب الناس إليه، إلا أنه لم يدعني لدخول بيته يومًا، وكنا نجلس دومًا أمامه. في ذلك اليوم، قال لي: — “لم يُكتب لي أن أرزق بالذرية، لكني أعزك كأنك ولدي، ويؤلمني أن أراك مهانًا من الجميع، حتى من أقرب الناس إليك.” سألته: — “ما العمل؟ ليس بيدي حيلة!” فأجابني بحزم: — “بل بيدك أن تفعل الكثير! جرب أن تقول ‘لا’ لأي أحد يظلمك أو يعتدي عليك. لا تدع الاعتداء يمر بسلام. الناس في هذه القرية لا يعتدون إلا على الضعفاء، فحاول ألا تكون منهم. يجب أن تعتمد على نفسك. ثم، إلى متى سأدافع عنك؟ العمر ينقص ولا يزيد، وما ينتظرك في قابل الأيام يحتاج منك إلى قلب أسد!” سألته بقلق: — “ما الذي ينتظرني؟” وقف وقال: — “سأخبرك لاحقًا. أما الآن، فاذهب واعمل بما قلت لك. أنا عليّ الاستعداد للمغادرة، فسفر طويل ينتظرني الليلة.” المواجهة الأولى حل شهر رمضان، وأيقظني والدي بقدمه وهو يركلني: — “استيقظ، أيها المعتوه! هل ستقضي يومك نائمًا؟ انهض وابحث عن عمل!” ثم انهال عليّ بسيل من الشتائم دون سبب. اعتدت هذا التعامل القاسي منه ومن أمي التي لم أجد منها يومًا الحنان. تذكرت كلمات السبيتي، لكني لم أنفذ شيئًا منها بعد. لازلت ذلك النكرة المحتقر في القرية. ولكن… إلى متى؟ ذهبت إلى السوق، وأثناء شرودي، ارتطم بي أحدهم. التفت لأرى ابن القاضي، فقال لي باستهزاء: — “ألا تنظر أمامك، أيها البغل؟” أشرت له معتذرًا، رغم أنه هو من دفعني حتى سقطت أرضًا. نظر إلي بازدراء وقال: — “أيها الوضيع، ألا تفسح الطريق لأسيادك؟” ثم ضحك ومضى. كان الجميع يشاهدون، لكن لم يحرك أحد ساكنًا. عندها، شعرت بشيء داخلي يدفعني للرفض. نهضت فجأة وصرخت: — “لا!” التفت إليّ متعجبًا، ثم ضحك ساخرًا: — “ما الذي تقوله أيها الممسوس؟” أجبته بغضب: — “أنت من دفعني وأسقطني أرضًا! أنت المخطئ، ولست وضيعا!” ضحك مجددًا، وهمّ بضربي، لكن في لحظة، رفعت يدي وصفعته صفعة دوّى صداها في السوق! عمّ الهرج والمرج، وبدأ الناس يصرخ— “المسحور ضرب ابن القاضي! المسحور ضرب ابن القاضي!” تحول الجميع إلى مدافعين عن ابن القاضي، وبدأوا يرشقونني بالحجارة! بينما حين اعتدى عليّ لم يحركوا ساكن استغليت انشغالهم وهربت نحو بيت السبيتي، طرقت الباب بقوة، لكن لم يكن هناك من يفتح. لم يكن موجودًا! كان الناس يقتربون، يبحثون عني. لم يكن أمامي خيار سوى الفرار من القرية… بداية الرحلة جريت دون أن أنظر خلفي حتى تأكدت أن لا أحد يلحق بي. كنت متعبًا، جائعًا، وعطِشًا. وبين التلال، وجدت مكانًا ظليلًا فتمددت تحته وغرقت في النوم. حين استيقظت، كان الليل قد حل، والجوع ينهشني. نهضت، ومشيت طويلًا حتى وصلت إلى وادٍ جاف بين جبلين. هناك، سمعت صوت أنين… كان أحدهم يتألم! من يكون هذا في هذا المكان القفر اقتربت بحذر، لكن فجأة، خرج لي رجل يتكئ على عصا طويلة ما حكايتك انت قلت له محاولا التهرب من الاجابه بعض المشاكل جعلتني اخرج من القريه فضحك العجوز ثم قال لي لقد علمت بكل ما جرى لكني كنت احب ان اسمع منك وتاكد انه لن يصيبك مني شر بل على العكس ساساعدك وانت ايضا ستساعدني احسست بصدق الرجل وقررت ان احكي له قصتي كامله اخبرته اني تائه هائم ولا ادري الى اين ستاخذني قدماي مشى الرجل بضع خطوات وهو يقول لقد خرج كل من في القريه يبحثون عنك في النواحي يريدون محاكمتك اما والداك واخوتك فهم في طليعه الباحثين عنك ليسلموك بايديهم الى القاضي انتفضت لما سمعت هذا الكلام وقلت للرجل بعد الذي جرى لا عوده لي الى القريه لذلك اريد ان اعمل معك ليس عملا واحدا بل اريد البقاء معك خادما مقابل طعامي وشرابي فقط نظر الي الرجل مليا ثم قال بل هو عمل واحد وستعود بعده الى القريه معززا مكرما قلت في نفسي هذا الرجل يريد لي التهلكه فتطلعت اليه وانا اقول لكن ما هذا العمل ما هي الخدمه التي تريدها مني رد علي ساخبرك في الغد لكن يجب ان تعلم انك ستاخذ حقك من كل من ظلمك فلا تعتدي على احد سيكون معك من المال ما فوق كل كبار القريه وحتى القرى المجاوره كما انك باذن الله ستستعيد ثقتك بنفسك ولن تظل ضعيفا مهانا نحن لن نغير ولكن سنساعدك على التغيير استغربت لما يكلمني الرجل بصيغه الجمع وهو لوحده امامي فقلت له كلامك جميل لكن تحققه مستحيل فرد علي بحزم بل كل شيء ممكن باراده الله وما نحن الا اسباب نسعى جهدنا ولكل مجتهد نصيب موعدنا غدا بعد المغرب علينا ان نتاكد اولا انك موافق على هذا الاتفاق لو بقيت في مكانك هذا حتى غروب الغد فقد وافقت وصار بيننا عهد وان ذهبت فسن علم انك رفضت العرض لكنك ستفوت اجرا عظيما وعطاء جزيلا وقبل ان اذهب ساخبرك بشيء لو سرت خلف هذا الجبل مسافه نصف يوم ستجد نفسك في احدى القرى يمكنك ان تدبر نفسك هناك ان قررت الرحيل ولا تنسى هذا الحديث الذي دار بيننا ثم مشى الرجل يعرج متكئا على عصاه الطويله حتى اختفى بين الاشجار في ظلام الليل وتركني حائرا اسال نفسي ما الذي يريده مني ترى ولما يظهر انه يتالم ويئن اثناء مشيه ثم كيف يرى طريقه في هذا الظلام التامس عدت الى حيث قربه الماء وطبق التمر فلم اجد شيئا جلست افكر في كلام الرجل لو كان كلامه صحيحا فاني ان عدت الى القريه حتما سيقدم والداي قربانا وتقربا الى القاضي قد يقطع يدي التي مدت على ولده قد يلقي بي في السجن وينكل بي وحتى السبيتي الذي يدافع عني غير موجود بدات اقلب الافكار في راسي ماذا لو ذهبت الى القبيله الاخرى خلف الجبل لكن قد يكون خبري كهارب طريد قد وصلهم ولو امسكوا بي فربما اعادني الى القريه اظن انه لم يعد لي خيار اخر سوى ان اسمع من الشيخ ما الذي يريده مني وما نوع العمل الذي ساقوم به تمددت في نفس المكان وغلبني النعاس حتى ايقظتني شمس النهار الحارقه تحولت الى حيث الظل فقد انهكني الجوع بالامس افطرت على تمر وماء امضيت اليوم خائفا مترقبا ومختفيا بين الحشائش والاشجار كان الوقت يمر ثقيلا جدا وما ان غربت الشمس حتى كنت منهكا متكئا اعتصر من الجوع سمعت صوتا يقول قم واكسر صومك خذ تمرا وماء فقمت فزعا والتفت من ورائي رايت الرجل العجوز سالته لكنك لم تترك لي شيئا فقال لي وهو يشير بعصاه اذهب الى ركام الحجاره هناك لا يزال طبق التمر وقربه الماء فهرولت الى حيث اشار لي فوجدت كما قال تناولت بضع مرات وشربت من القربه كان ماء باردا يروي ضما الصيام الطويل كان العجوز ينظر الي بتمعن قبل ان يقول لي اعلم اني ربما كنت قاس معك لكن كان يجب ان نتاكد انك تريد مساعدتنا فالكلام الذي ساقوله لك قد يصعب عليك تقبله كما اني ساخبرك باسرار فعليك ان تكون قوي القلب صلب الشكيمه فسالته وانا الوك ما بقي من التمر في فمي عن اي اسرار تتحدث فرد علي دون طول تفكير الاحداث التي تقع في قريتكم ولا يجد لها احد تفسيرا ثم مشى العجوز بضع خطوات وجلس على صخره في المكان ثم قال لي اجلس يا عبد العزيز فليله ستعرف الكثير من الامور التي لا يعرفها الا نحن وقله من الناس فسالته قائلا منذ الامس وانت تتحدث معي بصيغه الجمع فمن انتم من تكونون فقال ببرود شديد نحن قبيله من الجن القصه يحكي بطل قصتنا اليوم عن نفسه فيقول: اسمي عبدالعزيز، في ايام شبابي كنت اعيش في بيت والداي باحدى القرى، كنا عشره اخوه وكنت اصغرهم فكانوا يكلفونني باحقر الاعمال ولا يكفون عن تسخيري في اغراضهم، ولم يكن ذلك يزعج والداي. في بعض الاحيان كنت احس كأني لست ولدهم بل شخص غريب عنهم مهمته ان يخدمهم فقط، كنت المس الجفاء والغلظه من والداي واخوتي ولم اكن اعرف سبب ذلك. كان والدي متزوجا من امراتين، توفيت الاولى رحمها الله وبقيت امي التي ربت اخوتي وابناء ضرتها، ورغم انها والدتي الا اني كنت لا اجد منها عطفا كما تعطف على الاخرين، شيء محير فعلا. في قريتنا كان هناك شخص يسمونه القاضي، هو من يفض النزاعات ويحسم في المشاكل بين الناس، لكنه لم يكن عادلا، ربما تحيز لاناس من كبار القريه على حساب ضعافها، فكان الظلم منتشرا وطغيان الساده ساريا. وبمرور السنين، تزوج اخوتي جميعا وبقيت انا مع والداي، اصبحت مع القهر والقمع الذي عشته انطوائيا لا اجيد الدفاع عن نفسي ولا التعبير عن مشاعري، فصار الناس ينعتونني بالمسحور او الممسوس، حتى والداي صدقوا هذا الكلام. رغم اننا كبرنا الا ان اخوتي لازالوا يعاملونني نفس المعامله الحقيره. الوحيد الذي كان يكلمني ويعاملني على اني بشر له قيمه، رجل كبير في السن اسمه السبيتي، لعله بلغ 60 لكنه يبدو بصحه جيده، له لحيه كثيفه ونظرته حاده تخيف الجميع. لم يكن من اهل القريه، كان منبوذا لا يحبه احد مثلي تماما وكان يحاول دائما الدفاع عني اذا راى من يظلمني. كان بيته على اطراف القريه، كنت دوما ازوره فيفرح بزيارتي حتى وان سمعني اتلعثم في الكلام، لم يكن يضحك ويسخر مني كما يفعل الاخرون. كان الجميع يغضب مني حين يعلمون اني ازور السبيتي في بيته، فيكون لي وله الشتائم رغم انه رجل في حاله، لا يكلم احدا ولا يختلط بالناس. كان للسبيتي دار صغيره مبنيه فوق مخزن قديم للقمح، كان اهل القريه يتجنبونه ويهابونه، قد كان رجلا غامضا يعيش لوحده ويخدم نفسه بنفسه. كثرت حوله الاقاويل، فبعض الناس يتهامسون انه مجرم قد فر من القصاص وهو مختبئ هنا، لكن العجب العجاب هو الغرائب التي كانت تحدث ليلا في قريتنا. كنا في كثير من الاوقات نسمع صرخات عاليه فنخرج ولا نجد مصدرها، صرخات واصوات غريبه، وان قدر لاحد الخروج ليلا فمن الوارد جدا ان يرى اشخاصا بهيئه غريبه يمشون بقربه او اقزام يركضون هنا وهناك، بل والبعض اكد انه سمع قرب بيته صوت لعب وضحك صبيان لكنه ان خرج لا يراهم، فقط يسمع الصوت، لدرجه ان الكثيرين كانوا يجزمون بان القريه مسكونه بالغيلان. وبعض الناس يتهامسون بان السبيتي له يد فيما يجري في القريه من غرائب. كنت اجالس الرجل كثيرا، عرفت عنه الكثير من الاشياء، لقد كان يعيش على الصيد وقد يقضي اياما في الغابه، لكنه يسافر مره في السنه خلال شهر رمضان، لا ادري الى اين، لعله اهلا يزورهم او معارف يقصدهم، لكن المريب ان بيت السبيتي رغم انه يكون فارغا ومغلقا خلال شهر رمضان، الا ان بعض الناس يقولون انهم سمعوا اصواتا قادمه من البيت المنعزل في اطراف القريه، ما جعلهم يشكون انه بيت مسكون بالجن يمكنك ان تدبر نفسك هناك ان قررت الرحيل، ول تنسى هذا الحديث الذي دار بيننا ثم مشى الرجل يعرج متكئا على عصاه الطويله حتى اختفى بين الاشجار في ظلام الليل وتركني حائرا اسال نفسي ما الذي يريده مني ترى، ولما يظهر انه يتالم ويئن اثناء مشيه ثم كيف يرى طريقه في هذا الظلام التامس، عدت الى حيث قربه الماء وطبق التمر فلم اجد شيئا، جلست افكر في كلام الرجل لو كان كلامه صحيحا فاني ان عدت الى القريه حتما سيقدمن والداي قربانا وتقربا الى القاضي، قد يقطع يدي التي مدت على ولده قد يلقي بي في السجن وينكل بي وحتى السبيتي الذي يدافع عني غير موجود، بدات اقلب الافكار في راسي ماذا لو ذهبت الى القبيله الاخرى خلف الجبل، لكن قد يكون خبري كهارب طريد قد وصلهم ولو امسكوا بي فربما اعادني الى القريه، اظن انه لم يعد لي خيار اخر سوى ان اسمع من الشيخ ما الذي يريده مني وما نوع العمل الذي ساقوم به، تمددت في نفس المكان وغلبني النعاس حتى ايقظتني شمس النهار الحارقه، تحولت الى حيث الظل فقد انهكني الجوع، بالامس افطرت على تمر وماء امضيت اليوم خائفا مترقبا ومختفيا بين الحشائش والاشجار كان الوقت يمر ثقيلا جدا، وما ان غربت الشمس حتى كنت منهكا متكئا اعتصر من الجوع، سمعت صوتا يقول قم واكسر صومك خذ تمرا وماء، فقمت فزعا والتفت من ورائي، رايت الرجل العجوز سالته لكنك لم تترك لي شيئا، فقال لي وهو يشير بعصاه اذهب الى ركام الحجاره هناك لا يزال طبق التمر وقربه الماء، فهرولت الى حيث اشار لي فوجدت كما قال، تناولت بضعه مرات وشربت من القربه كان ماء باردا يروي ضما الصيام الطويل، كان العجوز ينظر الي بتمعن قبل ان يقول لي اعلم اني ربما كنت قاس معك لكن كان يجب ان نتاكد انك تريد مساعدتنا، فالكلام الذي ساقوله لك قد يصعب عليك تقبله كما اني ساخبرك باسرار فعليك ان تكون قوي القلب صلب الشكيمه، فسالته وانا الوك ما بقي من التمر في فمي عن اي اسرار تتحدث، فرد علي دون طول تفكير الاحداث التي تقع في قريتكم ولا يجد لها احد تفسيرا، ثم مشى العجوز بضع خطوات وجلس على صخره في المكان ثم قال لي اجلسي يا عبد العزيز، فليله ستعرف الكثير من الامور التي لا يعرفها الا نحن وقله من الناس، فسالته قائلا منذ الامس وانت تتحدث معي بصيغه الجمع فمن انتم من تكونون، فقال ببرود شديد نحن قبيله من الجن، فقلت بسرعه بسم الله الرحمن الرحيم، ثم استدركت قائلا باستغراب ولكن نحن في رمضان والشياطين تسلسل في هذا الشهر الكريم، فرد علي العجوز ومن قال اننا شياطين، نحن قبيله من الجن المسلم نصلي ونصوم مثلكم تماما نسكن هذا الوادي منذ سنين، فقلت له دون ان اخفي ذهولي لكني اراك رجلا عاديا، فقال لي لقد جعل الله بيننا حجابا فلا يرانا البشر على هيئتنا الحقيقيه اما ان يرانا على شكل بشر مثله او على شكل حيوان، وهذا من رافه الله بعباده، ثم اردف الرجل بعدما لاحظ طول صمتي، اعلم انك قد لا تصدقنا لكن هذا لا يهم، المهم هو ان تقوم بما سنطلب منك، والان دعني ابدا لك القصه منذ البدايه التي ربما كانت من قبل ان تولد، انت ما تراه حولك من وديان وجبال هي مساكن للجن، نحن دوما نبحث عن اماكن خاليه من البشر كي نعيش فيها بسلام، كنت انصت للرجل العجوز باهتمام شديد وقد بدا يدخل قلبي شيء من الرهبه، ثم اضاف الجني قائلا انا الان اكلمك وحولي اخوتي وبعض ابنائي واحفادي وهم كثر، صرت التفت في كل اتجاه فقال لي لا داعي للالتفات لن ترى احدا منهم غيري، ركز معي، قبل اكثر من 30 سنه قامت حرب بين قبيلتنا وقبيله من الغيلان الذين كانوا يسكنون بالمنطقه، في البدايه انتصرنا عليهم وفرحنا كثيرا لاننا سيطرنا على الوادي لكن فرحتنا لم تكتمل، سالته ومن هؤلاء الغيلان هل هم من الجن، قال نعم هم من الجن الشياطين وسموا بالغيل لانهم يتغول بين الناس بعد ان يغيروا من هيئتهم ليفسدوا حياتهم، المهم اننا بعدما اخرجناهم من الوادي صاروا يعيشون في النواحي القريبه، سالته مستفهما هل هذا يعني انهم يسكنون في نواحي قرى البشر، رد العجوز نعم بل وحتى قريتكم فهي مرتع للغيلان والاكيد هم السبب في الغرائب التي ترونها هناك، قلت للرجل العجوز ثم ماذا وقع بعد ذلك، تنهد العجوز ثم قال ما وقع بعد ذلك ان هؤلاء الغيلان بعدما طردناهم من هنا تحالفوا مع رجل من البشر، هذا الرجل خطير جدا، ولقد صرنا بسببه مسجونين في هذا الوادي، لا يستطيع احد الدخول الينا ولا نستطيع نحن الخروج منه، كما ان هذا الرجل قد حبس زعيمنا وشيخ قبيلتنا، ونحن ما بيدنا حيله، لا نستطيع الذهاب لانقاذه وهو لا يستطيع العوده الينا، والغيلان تتقوى وتكثر يوما بعد يوم ونحن في تراجع وضعف، ولو جئت الى هنا في وقت اخر من غير رمضان لكان من المستحيل ان اظهر لك او اكلمك، لقد جئت في وقتك، سالته كيف ذلك، رد علي كما قلت سابقا، مرض الشياطين مقيده في رمضان، والغيلان من الجن الكافر ومعها ذلك الرجل الذي تحالفوا معه، هم الان في حاله ضعف، لكن رغم ذلك نحن محاصرون في هذا الوادي وحتى شيخ قبيلتنا كان بسبب السحر قد صار من الصعب رؤيته خارج رمضان، قلت له كيف ذلك، رد علي ان الرجل الذي اتحدث عنه ساحر خبيث جدا قد عمل سحرا يربط بين حبسنا هنا في الوادي مع المكان الذي حبس فيه زعيم قبيلتنا، يعني ان لم يتحرر شيخنا فاننا سنظل حبيسين هنا مهما فعلنا، قلت للجني واين شيخ قبيلتكم اين حبسه الساحر، رد علي لقد حبسه الساحر في بيته يريد ان يبقيه تحت ناظريه وامام عينيه، لا احد يستطيع اخراجه من حبسه الا ان كان انسيا وفي شهر رمضان، فنحن لا نستطيع المساعده، واذا تحرر شيخ قبيلتنا فهو من سيتكفل بابطال السحر الذي يحبسنا في الوادي، بعدها يمكننا محاربه الغيلان وطردهم، بقيت افكر للحظات ثم قلت للرجل العجوز، لنفرض انكم قمتم بكل هذا ونجحتم فيه ثم عاد ذلك الرجل الساحر وعمل لكم سحرا اخر، ما عساكم تفعلون، انفعل الشيخ وهو يقول هذا لن يحدث باذن الله، لسببين، اولهما يجب ان تعلم ان هذا الساحر قد خدعنا في البدايه واخبر شيخ قبيلتنا انه معنا ضد الغيلان لكنه غدر بنا، بعد ان اوهمنا انه حليف لنا، لنكتشف بعد فوات الاوان انه كان متفقا مع الغيلان، ربما اغروه بالمال او شيء اخر لا ادري، قلت للرجل نعم، والسبب الثاني، في تلك اللحظه وقف الشيخ متكئا على عصاه، ثم قال السبب الثاني انه لن يكون موجودا ليعيد السحر مره اخرى، سنطلب منك ان تنهي حياته، اهتز كياني حين سمعت هذا الكلام ولم استطع ان اقول شيئا..!

لاجلكم هذه الليله ساذهب لبيت السبيتي ثم اطرق الباب مطولا فان لم يفتح ولم اجده هناك فلا عهد بيننا تساء الجني العجوز وان وجدته قلت انا متاكد اني لن اجده لكن ان كان بالبيت ففعل ما تطلبونه مني قال العجوز في تلك اللحظه اتفقنا لكننا ننصحك بتوحي الحذر وخذ معك شيئا لتدافع به عن نفسك ثم اشار العجوز بعصاه وقال لي اذهب من هذا الطريق ستجد بئرا قديمه مردومه ابحث في داخله ستجد خنجرا قد رماه احدهم هناك خذه حلال عليك وانتبه فبعض اهل القريه ما زالوا متربصين يبحثون عنك استطعت ان اقوم بعد ذلك مشيت في الطريق حيث اشار للجني وبعد مسافه وجدت بئرا مردومه لم يسبق لي ان رايتها لم يكن عميقا كان عمقه بقدر قامتي نزلت بخفه تحسست بقدمي اسفله فقد كان مظلما لمحت الخنجر فحملته وافيته تحت الحزام بعد ذلك خرجت من البئر ونزلت في المنحدر نحو السبح واول بيت يستقبلني قبل دخول القريه هو بيت السبيتي للاحلي البيت من بعيد علي ان اصل اليه دون ان يفطن الي احد اقتربت اكثر حتى صار منزل السبيتي على مرمى بصري لا ادري كم الساعه الان لكن يبدو ان معظم اهل القريه لازالوا مستيقظين فال الاضواء والسروج لا تزال مشتعله بقيت ساكنا في مكاني لن اتحرك حتى تخف الحركه ويهج سكان القريه الى النوم بعد مده بدات الاضواء تنطفئ والحركه تقل مشيت متسللا وانا التفت في كل اتجاه اخاف ان يكشف احد امري وقفت امام باب بيت السبيتي طرقت النافذه عده مرات ثم صرت انادي يا عم انا عبد العزيز افتح لكن لا من مجيب تحركت نحو نافذه اخرى طرقت بشكل اقوى ثم وقفت امام الباب وانا شبه متيقن ان لا احد في الداخل استمريت في الطرق دون جدوى ثم التفت وهممت بالمغادره وانا اقول في نفسي يبدو ان العجوز كان مخطئا وما ادري انه جن اصلا وفي تلك اللحظه سمعت الباب يفتح وصوت السبيتي ينادي علي وال سبيتي ينادي علي بصوت خافت عبد العزيز تعال وادخل بسرعه التفت نحوه في اندهاش وقلت انت هنا يا عم كانت هذه اول مره يدخلني فيها الى بيته كان اشبه بالكوخ به فروش قديمه باليه سالته لما انت هنا اليس من المفروض ان تكون في سفرك ولم تبدو منهكا رد علي لقد كنت مريضا هذه الايام وانت اين كنت مختفيا قلت له الم تسمع بما حصل معي قال بلى وانا فخور ما فعلته ولقد هددتهم جميعا ان ارادك احد بسوء بطشت به ثم سالته وما الذي علي فعله الان كحس بيتي كحه قويه ثم قال انسى ان تعود لحياتك القديمه لقد صرت منبوذا اكثر مني لكن ربما عندي حل لمشكلتك قلت له ما الحل انجدني به فقال كما ترى فقد اصابني الكبر وبدا المرض التعب ياخذ مني ما اخذه والحقيقه يا عبد العزيز ان من يحكمون القريه انا من يتحكم فيهم لقد نشات مثلك مقتني اهلي واحتقرته لكني الان في منزله اعلى من الجميع ساضمك ان تكون في مامن وان يهبك الاخرون لكن عليك ان تنسى علاقتك باهلك وعلاقتك بالناس بل وانسى علاقتك بالدين استغربت ثم سالته ما الذي تقوله يا عم رد علي ببرود لن ينفعك شيء وستكمل حياتك محتقرا مهانا انا فقط من كان يحميك ويدافع عنك فاسمع كلامي ستجد خيرا وعيشه يحسدك عليها عيه القوم في تلك اللحظه بدات استرجع ما قاله لي الجني العجوز حقا كلامه صحيح والبيتي هو الساحر ولقد سحر لي ايضا حتى اكون بنانه اذا في هذا البيت يحبس زعيم قبيله الجن سالني السبيتي بعدما لاحظ طول صمتي هل تريد مهله وقتا لتفكر فيما قلته لك اجبته بل اريد فقط شربه ماء اكاد اك ضما فقال لي حسنا فك الريث ما اعود قام السبيتي ودخل احدى الغرف اخرجت الخنجر ثم قلت في نفسي هل سا استطيع قتله لا اظنني استطيع ذلك لن انسى انه كان دوما سندا لي ربما كان مظلوما وبينما انا شارد افكر اذ سمعت السبيتي واقفا عند راسي يقول لي يا لا الخساره كنت اريدك ان تصير مكاني لكن يبدو انه لا حظ لك يا عبد العزيز وما ان هممت بالكلام حتى انهال علي السبيتي ضربا بيديه الغليظتين كنت اتوسل اليه واقول دعني اتكلم لكنه كان يصب جام غضبه علي ويقول هذا جزاء عطفي عليك ايها الماكر الغدار امسكني من عنقي وكاد يحملني وانا اصارع الموت بين يديه وانظر الى عينيه المليئتين بالشر وفي لحظه استجمعت اخر ما بقي لي من قوه اخرجت الخنجر وطعنته به عده طعنات متتاليه في صدر حتى سقط سريعا مدرجا في دمائه نظرت اليه ثم الى الخنجر الذي يقطر دما وتساءلت بصوت مرتفع ما الذي فعلته بحق الله لما اضطرتني لذلك يا سبيتي وبينما انا على هذا الحال اوشك على الجنون سمعت صوتا ينادي علي عبد العزيز يا عبد العزيز من تراه المنادي هل هو احد من اهل القريه هل افتضح امري سمعته يقول لا تخف ولا تخشى شيئا كان صوتا هادئا جعلني اهدا انا ايضا تساءلت من ينادي علي من فقال انزل الي التفتت فوجدت فتحه في وسط الكوخ اسلم خشبي يفضي الى مخزن تحت الارض وجدت هناك اوراقا كثيره وكتبا قديمه ثم عده رموز مكتوبه بالطباشير الابيض وبدعه اكياس في ركن المخزن التفتت فاذا هنا هناك رجل كبير في السن يبدو اكبر من الذي لقيته في الوادي لحيته بيضاء طويله طويله جدا لعلها تبلغ سرته كان جالسا وسط دائره مرسومه لا يحرك ساكنا بدا هزيلا جدا كانه لم ياكل شيئا منذ شهور سالته هل انت شيخ قبيله الجن رد علي ابدا بالسلام السلام عليكم يا عبد العزيز قلت له وعليكم السلام فقال لي اقترب اقترب لا تخشى شيئا يا بني لا تجزع مما حصل للسبتي هذا قدره لقد رايت كيف انه كان عازما على قتلك فلم يكن هناك بد من ان تعيش انت او يعيش هو قلت لشيخ قبيله الجن في هذه اللحظه قد تبلد فكري قل لي ما الذي علي فعله الان رد علي اترى هذه الدائره المرسومه حولي قلت نعم قال قل بسم الله وامسحها ثم بعد ذلك اضر النار في هذا المخزن ثم اخرج من هنا وتلك الاكياس التي هناك ستجدها قرب البئر المردومه قلت له ما الذي تقول كيف اضرم النار في هذا المكان وانت موجود هنا قال لي لا عليك ساتد ابر امري افعل فقط ما طلبته منك ولقاؤنا سيكون عند البئر بدات في مسح الدائره بيدي وقد قدمي حتى انمحت ثم جمعت كل تلك الاوراق والكتب واوقد عليها النار التفت بعدها نحو الشيخ تساءلت في نفسي هل سيبقى هنا فاشار لي بيده ان اصعد السلم واهرب كذلك فعلت وما ان ابتعدت خارج القريه حتى كانت النار تلتهم بيت السبيت باكمله وقفت انظر من بعيد ورايت الناس قد اجتمعوا حول المنزل ويحاولون اخماد النار بدات اركض مبتعدا وما ان اوشكت على الوصول الى البئر المردوم حتى اصطدمت باحدهم فكدت اسقط فزعا وانا اتعوذ بالله من الشيطان رفعت راسي لارى فوجدته نفسه شيخ قبيله الجن الذي تركته قبل قليل في دار السبيتي قال لي لا تخف لا تخف قلت له مذعورا لا يمكنني الا ان اخاف رد علي لا خوف بعد اليوم والقادم كله خير باذن الله لقد تحررت الان وكذلك حررت قبيلتي قلت له بهذه السرعه قال نعم وعلينا الان ان نوفي بعهدنا لك قرب البئر ستجد بضعه اكياس خذها حلال عليك قلت ما بها تلك الاكياس رد علي فيها كل المال الذي جمعه السبيتي طوال سنوات مضت خذ ذلك المال واذهب به الى القريه الفلانيه سادل على الطريق انقذ هناك البدعه ايام ريث ما تهدا الامور ثم ارجع الى قريتكم سيكون كل شيء على ما يرام باذن الله ثم مشى الرجل حتى اختفى في الظلام مشيت نحو البئر رايت الاكياس تنتظرني هناك فتحت بعضها كانت مليئه عن اخرها بالذهب والفضه وبعض الجواهر والقطع النقديه الثمينه انه كنز عظيم كيف جمع السبيتي كل هذا المال ثم كيف كان يعيش كمشرد فقير وهو يملك كل هذه حملت الاكياس على ظهري وذهبت الى القريه التي اخبرني عنها شيخ الجن وجدت فيها اناسا طيبين للغايه سمحوا لي بالمبيت في المسجد اشتريت دار صغيره في هذه القريه الجميله مقابل قطعه ذهبيه صغيره ثم اخفيت الاكياس في مكان ما داخل هذا البيت عزمت على الذهاب للقريه لا ادري من اين اتتني هذه الشجاعه لكني احس نفسي اكثر صلابه وقوه واق وقبل ان اذهب اشتريت ملابس جديده استاجرت رجلين ليكونا في خدمتي وحراسته دخلت القريه في واضحه النهار وقد ظهر علي الثراء بدا بعض كبار القريه يدققون النظر ويتساءلون هل هو فعلا عبد العزيز سالني احدهم ا انت هو عبد العزيز قلت نعم انا هو فقال بنمره المستهزئه جئتنا في هذه الهيئه ومعك هذين اكنت تظن انك تلت من عقابنا وتنجو بفعلتك اتظن اننا نسينا جرمك قلت له بثقه وانا ايضا لم انسى جرمك اجتمع الناس من حولي وهم ينظرون باستغراب والدهشه على وجوههم التفت نحوهم وقلت لهم يا اهل القريه اهلي وعشيرتي اشهدوا شهاده الحق لقد عدت ومعي خير كثير لي ولكم ساخل اسكملات المتسلطين عليكم ولا مكان للمف بيننا فبدا الناس الواحد تلو الاخر يقول بعلى الصوت ان ابن القاضي هو من ظلمني وبدا بالعدوان ظهر علي الارتياح لكن ما اثر استغرابي وا اخوتي كانوا يدافعون عني بقوه كان شيئا كان شيئا غير مالوف بالنسبه لي ثم حضر والداي وهما يستميت في الدفاع عني احسست لاول مره اني واحد من اهل القريه واني فلت كب والداي علمت حينها ان السحر هو ما كان يفرق بيننا ويجعل بيننا العداوه والبغضاء والضغينه طرض القاضي واسرته وبعض كبار القريه الذين كثر طغيانهم على الناس اما انا فاشتغلت بالتجاره ونم المال عندي وكثر ولم يعلم احد اني انا من اشعل النار في بيت السبيتي هذه القصه حكاها لنا احد احفاد عبد العزيز الذين هم الان من اعيان المنطقه فقريه كبرت وصارت مدينه صغيره وقصه عبد العزيز ترويها الاسره ابا عن جد البعض يصدقها والبعض يرفض التصديق الا انها تظل قصه مشوقه في تفاصيلها جميله

منصة تفتح بوابات التجربة... حيث تُهمس الأرواح للعقول، ويذوب العلم في طيف الإيمان، ويتوارى الظاهر خلف ستار الخفي. هنا، لا نكتفي بالرؤية بل نُبصر، ونغوص بلا خريطة في عوالم لا تُرى... نسترق السمع لأسرار لم تُكتب، ونلتمس أثر الجن، وشطحات الأحلام، ونبضات الطاقات، ولغة الرموز التي لا يفك شيفرتها إلا من دخل الكهف مختارًا

إرسال التعليق

You May Have Missed

error: