غنيمة من الشيطان
بقلم:سميح سالم
قد يدخل الكثيرون إلى عالم الجن عن طريق الخطأ، كما حدث لصاحبة قصة اليوم التي لم تكن تفكر يومًا أنها ستعيش أحداثًا غريبة، وأنها ستتزوج من جني ثم تصير غنية جدًا. في السبعينيات من القرن الماضي، كانت كريمة امرأة في الثلاثين من عمرها، تعيش في إحدى المدن القديمة لوحدها، أبواها متوفيان منذ زمن، ولا إخوة يسألون عنها. كانت تعتاش من بيع الخبز الذي تعجنه بنفسها ثم تعرضه للبيع في إحدى ساحات المدينة قرب السوق. تجلس بجوار صديقتها خديجة التي كانت بدورها تبيع الحلويات التقليدية التي تصنعها بنفسها. كانتا صديقتين رغم فارق السن بينهما، فخديجة كانت امرأة قد تجاوزت الخمسين سنة. في يوم من الأيام، باعت كريمة كل الخبز الذي أحضرته معها، فطوت المنديل الذي تغطي به الخبز ووضعته في قفة لها، ثم همت بالمغادرة. قالت لها خديجة: “ألا تجلسين معي لبعض الوقت حتى نذهب سويًا؟” فردت كريمة: “سأذهب لأقوم بجولة في الساحة قرب السوق.” قالت خديجة: “لكن احذري يا ابنتي، احذري، فالعرافات لا مزاح معهن.” ضحكت كريمة وهي تقول: “لا عليك، إنهن مجرد دجالات، ولن يصيبني منهن شيء.” ثم مشت كريمة ونظرات خديجة تتبعها. بدأت كريمة تجول ببصرها وتراقب العرافات المنتشرات في الساحة. انتبهت لإحداهن، كانت أول مرة تراها فيها هنا. لاحظت أنها تغطي وجهها بلثام، وتضع أمامها طاولة صغيرة عليها مبخرة من طين، وتحمل في يدها ورق اللعب الذي يقرؤون به الطالع. كانت كريمة تراقبها من بعيد، ثم تقدمت نحوها بعدما غطت وجهها وتنقبت. رحبت بها تلك العرافة وأعطتها كرسيًا صغيرًا لتجلس عليه، ثم قالت: “هل تريدين أن أطالع لكِ حظك؟” قالت كريمة: “نعم، ولهذا جئتك، فأنا أعاني مع زوجي، ومهما فعلت فهو لا يرضى ودائم الغضب والشكوى مني. إنه لا يطيقني، لا أدري ما حل به.” تنهدت العرافة وهي تقول: “نعم، أنا أحس بك وأعرف معاناتك، ويبدو أن الأسياد هم من
أتوا بك إليّ لكي أساعدك.” ثم أخذت العرافة تقلب الأوراق بين يديها وقالت لكريمة: “قولي، ما اسمك واسم والدتك؟” فقالت كريمة وهي تهمس: “اسمي ياسمين وأمي فاطمة.” بدأت العرافة تفرز الأوراق وترصها وهي تنادي على أسياد الجن في همهمات غريبة، ثم قالت: “أراه في الورق، إنه يذيقك الويلات، ولن تسلمي من شره.” فسألتها كريمة وهي مستغربة: “من هو؟” قالت العرافة: “زوجك الذي صار لا يطيقك ويعتدي ليل نهار. أراه في الورق.” أكملت كريمة تمثيلها وهي تُظهر التأثر وتتظاهر بالبكاء، عندها اقتربت العرافة من كريمة وقالت لها: “اسمعي يا ياسمين، عندي لكِ الحل الذي سيجعل زوجك طيعًا كالخاتم في إصبعك.” ردت كريمة: “وما ذاك؟ أنجديني به.” حينها تنحنحت العرافة وهي تقول: “لكن هذا العمل سيحتاج بعض المال لتلبية طلبات الأسياد، سأصنع لكِ حجابًا للمحبة، سيصبح زوجك إنسانًا آخر ولن يرفض لكِ طلبًا بعدها، وثمن هذا الحجاب 500 درهم فقط لا غير.” قالت كريمة: “لا يهم المال، سأعطيك ما تطلبين.” في تلك اللحظة، مدت العرافة يدها لتأخذ المال، أما كريمة فدست يدها في جيبها متظاهرة أنها ستخرج محفظة النقود، بدأت تبحث ثم قالت بأسف: “يبدو أني نسيت محفظتي في البيت، اسمعي يا سيدتي، ابدئي عملك في الحجاب، سأذهب إلى البيت لأحضر لك المال، والبيت غير بعيد من هنا.” هزت العرافة رأسها وهي تقول: “لا عليكِ، اذهبي، وعندما تعودين بالنقود ستجدين الحجاب جاهزًا.” مضت كريمة ثم مشت بين الجائلين في الساحة، تاركة تلك الدجالة تخط رموزًا على ورقة بيضاء. ولما ابتعدت عن الساحة، أماطت اللثام عن وجهها وهي تبتسم، ثم شرعت تضحك وهي تقول في نفسها: “يا لها من مشعوذة غبية، إنها تحتال على الناس! كيف تدّعي علم الغيب وهي لم تكتشف كل الكذب الذي ألقيته عليها؟ لعن الله العرافين والعرافات!” لم تكن هذه أول مرة تخدع فيها كريمة عرّافات الساحة، بل كانت تتصيدهن من وقت لآخر. كانت تثبت لنفسها المرة بعد الأخرى أن العرافة مجرد دجل ونصب على عقول الناس البسطاء. إلى أن جاء ذلك اليوم… حين باعت كريمة كل الخبز الذي أحضرته معها، كانت تستعد للمغادرة بينما خديجة تطالعها بنظرة ذات معنى، ثم قالت: “ألن تكفي عن مشاغبة العرافات يا ابنتي؟” ردت كريمة ساخرة: “هؤلاء نصابات، وأنا أذكى منهن، هذا ما في الأمر هنا.” قالت خديجة: “احذري يا ابنتي، أنت تلعبين بالنار.” فردت كريمة: “لا تخشي شيئًا يا خالة، أنا فقط أفضحهم أمام أنفسهم، وأثبت الحجة عليهم، أنهم لا يملكون ضرًا ولا نفعًا.” غادرت كريمة في اتجاه الساحة التي كانت تعج بالزوار، وفي ركن منها كانت العرافات ومدعيات الكهانة يتربصن بضحاياهن، وغير بعيد عنهن كانت تجلس إحداهن قد تنقبت حتى تخفي ملامحها، رغم ذلك ظهر أنها كبيرة في السن. لم يسبق لكريمة أن رأتها هنا قبل الآن، فتقدمت نحوها بعدما تلثمت، سلمت ثم جلست بقربها. كانت العرافة تنظر إلى كريمة بتمعن، ثم قالت لها: “ما طلبك؟ لما قصدتني؟” في تلك اللحظة حاولت كريمة إظهار الحزن وهي تقول: “ساعديني، فزوجي لم يعد يطيقني، أعلم أنه ينوي الزواج من أخرى، ولا أدري ما علي فعله، أنا يتيمة ووحيدة.” سادت لحظات من الصمت، ثم قالت العجوز: “وما المطلوب مني الآن؟” ردت كريمة: “اقرئي لي الطالعة بالورق، ثم ساعديني في حل مشكلتي.” حينها قالت العجوز: “لا أقرأ في الورق، لكن هاتي يدك، سأطالع حظك من كفك.” مدت كريمة يدها، فأمسكت بها العرافة، ثم سألت: “ما اسمك واسم أمك؟” ردت كريمة: “اسمي أمينة، وأمي زهرة.” ابتسمت العرافة وهي تقول: “أليس اسمك هو كريمة، واسم أمك فاطمة؟” في تلك اللحظة نزعت كريمة يدها بسرعة وأصابها الخوف، وهي تتساءل في نفسها: “كيف عرفت هذه المرأة اسمي واسم والدتي؟ أيعقل أنها تعرفني؟ لا يمكن ذلك، فوجهي مغطى بلثام!” وبعد لحظات من الترقب والربا، قالت العجوز: “لا تجزعي ولا تخافي، سلّمني أمرك، وأعطيني كفك.” ودون أن تشعر، وجدت كريمة نفسها تمد يدها للعرافة العجوز، أحسّت كأنها صارت مسلوبة الإرادة. ظلت العرافة تنظر إلى كف كريمة برهة، ثم قالت: “حظك ونصيبك خفي، وأنا من سيُظهره.” ثم أخذت خليطًا من الحناء كان بجانبها، ووضعت منه في كف كريمة، ثم أضافت فوقه بعض البخور، وهي تقول: “يا كريمة بنت فاطمة، لقد ناديت على سعدك، وهو حتمًا آتيك.” ثم أغلقت لها يدها، وحزمتها بمنديل أبيض لتقول لها: “اذهبي الآن، وما هو آتٍ لا مفر منه، ليكن الله في عونك.” قامت كريمة، ثم مشت مبتعدة عن العرافة، كانت تمشي جسدًا بلا روح، شاردة الفكر، خاوية الذهن. مشت كريمة حتى وصلت إلى حيث كانت تبيع الخبز قرب خديجة، التي لاحظت عودتها، فبادرتها بالسؤال: “خير، لما رجعتِ يا كريمة؟” جلست كريمة بقربها دون أن تجيب، فكررت السؤال، لكن كريمة كانت غارقة في التفكير. قامت خديجة، وحركت كريمة كأنها توقظها من النوم، لكن هذه الأخيرة كأنها لا تدري بما يدور حولها. لاحظت خديجة أن يد كريمة مرطخة بالحناء وملفوفة في منديل أبيض، فعلمت أن الأمر غير عادي. بدأت خديجة تصرخ وهي تحاول إيقاظ صاحبتها، لكن دون جدوى، حتى اجتمع حولهما الناس، والكل يتساءل ما الذي حلّ ببائعة الخبز، حتى جاء صاحب محل بالجوار يعرف كريمة، فعلم أن للأمر علاقة بالمس، فقال لخديجة: “ساعديني في حمل المرأة إلى السيارة، ونذهب بها الآن إلى أحد الرقاعة الذي أعرفه، وهو غير بعيد من هنا. وبمجرد أن رأى الراقي حال كريمة، أحضر بسرعة ماءً مرقيًا، ووضع داخله يد كريمة، وفك رباط المنديل، ثم شرع يقرأ عليها ما تيسر من القرآن الكريم.
بعدها أفاقت كريمة، وعاد لها وعيها، وبدأت تتساءل وهي في صدمة: “أين أنا؟ وما الذي أفعله هنا؟”
اقتربت منها خديجة وهي تقول: “لطالما حذرتك من المشعوذات والاقتراب منهن.”
نظرت كريمة إلى يدها، ولاحظت آثار الحناء عليها.
قال لها الراقي: “لا عليكِ يا ابنتي، لكن ما الذي حصل؟ كيف وصلتِ إلى هذا الحال؟”
ردت كريمة: “أذكر أني كنت في الساحة، وقصدت إحدى العرافات بغية الاستهزاء بها لا غير، لكن لا أذكر ما حصل بعد ذلك.”
قال الراقي: “لمَ تجازفين وتلقين بنفسك إلى التهلكة وليس معك ما تحمين به نفسك من شر المشعوذات والسحرة؟ الآن هيا بنا، علينا أن نجد هذه المشعوذة لنعرف ما الذي فعلته بك، ثم لنفضحها بين الناس حتى لا يستفحل شرها.”قصد الجميع الساحة، لكنهم لم يعثروا على العرافة بعد بحث طويل.
سألوا بعض الباعة المجاورين، فأعطوهم وصفًا للعجوز، لكن أحدًا لم يرها.
توجهوا إلى بائع عصير يقابل المكان، فاستغرب حين أخبروه بالقصة وقال: “لقد رأيت هذه المرأة، كانت تجلس وحدها، وتتكلم مع نفسها، فظننت أنها متسولة أو مريضة نفسيًا. أؤكد لكم أنها كانت بمفردها.”
تفاجأ الجميع، وبدت الحيرة على وجوههم، وخاصة كريمة، التي بدأت تتساءل في نفسها: “من تكون هذه العجوز؟ هل تكون من الجن؟”
ظهر الخوف على خديجة، وقالت: “لقد وقع ما كنت أخشاه.”طمأنتهم كريمة: “أنا بخير الآن، ولن أعود لما كنت أفعله.”
قال الراقي: “انتبهي، الأمر جدي، ولا ينبغي الاستهانة بشر السحر. حاولي أن تحصني نفسك.”
كان يشعر أن ما ينتظر كريمة أشد مما مرّ بها، وفعلاً، تلك الليلة لم تنم كريمة بسلام.
تقلبت في فراشها، وطافت الكوابيس بها: رأت نفسها تهرب في غابة مظلمة، ثم وسط مقبرة كئيبة، وبجانبها مخلوق أسود طويل.
استيقظت مع أذان الفجر، توضأت بصعوبة، وأحست بألم رهيب في يدها الملطخة بالحناء، لكنها أتمت صلاتها.
حين بدأت بعجن الخبز، لاحظت أنه لم يختمر كعادته.
شعرت بأن شيئًا ما تغير فيها. لاحظت خديجة تغير حالها، فنصحتها بزيارة الراقي مجددًا.ذهبت كريمة مع خديجة إلى الراقي، الذي قال عند رؤيتها: “عساه خير، ما الأمر؟”
أجابته كريمة: “جئت لأرقي نفسي فقط.”
شرع الراقي في رقيتها، تقرأ عليه صامتة، وتحس بحرارة في جسدها.
قال لها: “هل شعرتِ بشيء؟”
أجابت: “لا.”
لم يطمئن الراقي، وطلب منها العودة إذا أحست بشيء غريب.في الليل، أرادت كريمة الصلاة، وفجأة شعرت بشيء يتحرك خلفها، ثم وضع يده على كتفها.
كان بارداً كالثلج. التفتت بسرعة، فلم ترَ إلا ضوءًا قويًا أسقطها مغشيًا عليها.
رأت في منامها مخلوقًا مرعبًا له وجه مشعر وأظافر طويلة، أمسك عنقها وقال: “ما بكِ؟ تريدين حرقي؟ يمكنني قتلك وقتله هو أيضًا!”
استيقظت مذعورة، وسمعت طرقًا قويًا على الباب.
كان الجيران مجتمعين، وقال أحدهم: “كنا نسمع صراخًا وضربًا في بيتك!”
لم تجبهم، لكنها شعرت بألم في حلقها، وكأنها كانت تصرخ.
أغلقت الباب وهي شاردة، تفكر: “من يكون هذا المخلوق؟ هل هو الجني؟ هل هي بداية النهاية؟”في اليوم التالي، ذهبت إلى الراقي وأخبرته بكل شيء.
قرأ عليها من جديد، ففقدت الوعي، وتكلم الجني عبرها، بصوت خشن: “سأتبعك وسأعذبك وأقتلك.”
استمر الراقي في الرقية دون خوف، وسأل الجني من أرسله، لكنه لم يجب.
استفاقت كريمة، والراقي لا يعلم إن كان الجني قد غادرها.
أعطاها أذكارًا وطلب زيارتها في الغدلكن في اليوم التالي، لم يجدوا الراقي، بل استقبلتهم فتاة أخبرتهم أن زوجته بين الحياة والموت.
قالت: “ادعوا لها، حالتها حرجة.”
بعد أيام، زارت كريمة مكان الراقي، فوجدته مغلقًا.
قيل لها: “زوجته توفيت، وقد غادر المدينة.”
عادت الكوابيس تطارد كريمة. لم تعد قادرة على الصلاة، وكانت تسمع أصواتًا وتشعر بوجود شيء خلفها.
زارت الأطباء، فأكدوا أن ما بها إرهاق فقط.قررت زيارة الساحة مجددًا بحثًا عن العجوز، لكنها لم تجد لها أثرًا.
تأقلمت كريمة مع وضعها الجديد، والجميع صاروا يعرفون أنها “مسكونة”.
كان الجني الذي سمى نفسه حمو، يكلم خديجة، ويطلب منها إشعال بخور وشموع في بيت كريمة.مرت الشهور، وكريمة تنفذ أوامر الجني.
حتى جاءت ليلة حلمت فيها أنها عروس، حولها نسوة يحملن دفوفًا، وبجانبها الساحرة تضع الحناء في يدها وتقول: “مبارك! لقد اختاروكِ زوجة له.”
استيقظت فزعة، ورأت الحناء فعلاً في يدها!
ثم سمعت صوتًا يقول: “أخيرًا صرتِ زوجتي!”
رفعت رأسها، فرأت رجلاً طويلاً، يكاد رأسه يلامس السقف، يرتدي جلبابًا أحمر، له عينان زرقاوان، ولحية سوداء.
ركضت كريمة نحو الباب تصرخ، خرج الجيران، وحكت لهم ما رأت.
دخل بعضهم بيتها، فلم يجدوا أحدًا سوى الشموع المتقدة ورائحة البخور.اتهمها البعض بالشعوذة، وخرجوا ينظرون إليها بتوجس.
أغلقت بابها وهي تفكر: “هل هذا وهم؟ أم حقيقة؟ من يكون هذا الرجل؟ هل هو الجني حمو؟”
ثم أحست بحركة خلفها، وتجمدت في مكانها، تقول مرتجفة:
“ارجوك انا لم افعل لك شيئا فاجابها ذلك الصوت قائلا لا تخافي مني انا الان زوجك كانت كريمه تسمع صوتا دون ان ترى اي احد ثم تشجعت شيئا ما وقالت من انت ولما تقول اني زوجتك انا لا اعرفك رد الصوت قائلا لقد احببتك وساطيق عليك ذهبا ومالا كثيرا واعطيك كل ما تطلبين لكن لن تكوني لاحد اخر غيري واحذرك ان انت اردت اخراجي بالرقيه فساحول حياتك الى عذاب لا يطاق اختفى الصوت وترك كريمه في حيره وصدمه حتى انها لم تتمكن من النوم تلك الليله حتى عدل الفجر امضت كريمه اياما صعبه وكانت ترفض دوما اغراءات حملها بالاموال والكنوز فهي تعلم جيدا انها ان اخذت من هذا الجني شيئا فلن يكون ذلك دون مقابل وكان هذا الجني يمنع كريمه من زياره الرقعه فان هي همت بزياره احدهم يقع لها مانع ويصرفها عن ذلك وفي مره طلبت كريمه من صديقتها خديجه ان تاتيها الى البيت فقد كانت على موعد مع احد الرقاه لكن كريمه صدمت وصدمت خديجه كذلك لما قال لها الراقي او من يدعي انه راق انه لم ياتي لرقيتها بل اتى ليعرض عليها العمل معه سالته كريمه ما الذي تقول اي عمل رد عليها سنبحث عن الكنوز المدفونه ونخرجها بمساعده ذلك الجني الذي يسكنك وبهذا ستجنين مالا كثيرا كثيرا جدا ولن تحتاجي بعد ذلك للعمل في بيع الخبز في تلك اللحظه تغير صوت جريمه وتكلم الجني بصوت خشن متوعدا الراقي المزور حمل طاوله خشبيه كانت بالقرب منه وضربه بها ضربه قويه ثم هرعت كريمه او حمو الى المطبخ اخذ سكينا كبيرا ثم هرولا نحو المشعوذ الذي اصابه الفساد ثم جرى خارج البيت لينجو بنفسه وسط ذهول الجيران وبعدما هدا حمو استعادت كريمه وعيها لتجد نفسها في الزقاق وفي يدها سكين من الحجم الكبير والناس مجتمعون حولها لقد كانت حافيه القدمين لم تفهم ما الذي حل بها خرجت خديجه اخذت بيدها وادخلتها البيت ومنذ ذلك اليوم توقفت كريمه عن البحث عن علاج كانها يائست ورضيت بالامر الواقع المرير وصارت تعيش بين عالمين عالم الانس الذي تكد فيه من اجل لقمه العيش وعالم الجن الذي يؤرقها ويناغص حياتها وفي يوم من الايام كانت كريمه تتجول في السوق رات الناس مجتمعين حول احد يلعب ويراقص الثعابين اخذها الفضول فاقتربت من الحلقه لتطل على مروض الافاعي لكنها لم تعد تشعر بنفسها فقد سقطت في اغماءه لتستفيق بعدها وهي وسط تجمع الناس ومروض الافاعي يرش عليها الماء نظرت كلمه الى الرجل الاربعين لم تساله عما جرى فهي تعرف من كان السبب في سقوطها فاقده للوعي ثم قال لها الرجل ما اصعب العيش مع الجن الذي يسكنك اسمه حمو اليس كذلك انه يعشقك ويرفض التخلي عنك ظهر التعجب على كريمه وتساءلت في نفسها من يكون هذا وكيف عرف عني هذه الامور اضاف الرجل اسمي رشيد ساشرح لك كل شيء ثم طلب من الناس المجتمعين حولهم المغادره وجمع ثعابينه في صندوق خشبي ظلت كريمه تنتظر ما سيقوله هذا الرجل الغريب ربما كان عالما بدوائها وعارفا بعلاجها اخبرها بانه كان راقيا وله عهود مع الجن حسب قوله ثم سالها عده اسئله تخص حالتها فكانت تجيبه بكل عفويه بل واخبرته عن الكنوز التي كان حمو يعرضها عليها هنا سالها رشيد لما لم تقبلي بهذه الكنوز هذا رزق ساقه الله اليك ثم الجن الذي يسكنك او العاشق هو من اصعب واخطر انواع الجن وقد يرافقك حتى الممات لذلك ان اتاك منه مال فلا ترفضيه وتضيعي الفرصه فحتى وان اردت العلاج فهذا قد يحتاج مالا كثيرا كانت كريمه تستمع لرشيد باهتمام بالغ ثم قالت له بان حمو كان قد اخبرها بمكان كنز من الكنوز الدفيله في ضواحي المدينه لكنها لا تستطيع الذهاب الى هناك بمفردها هنا برقت عينا رشيد وابتسمه ويقول ان اردت الذهاب لاستخراج الكنز فقط اعلميني ساساعدك في هذا الامر ومعي اناس يستطيعون الحفر ولهم خبره مع الكنوز ثم اخرج رشيد من جيبه ورقه كتب فيها رقم هاتفه مدها لكريمه ثم غادر المكان غرقت كريمه في تفكير عميق تخيلت ان حياتها ستصير افضل ان كان معها الكثير من المال وبعد ايام قررت الذهاب الى مكان الكنز فاتصلت برشي واعلمته بما تريد فاتفق معها على يوم ووقت اللقاء كتمت كريمه هذا الامر حتى عن خديجه ولما كانت تلك الليله التقت برشيد اتى بسياره قديمه ومعه رجلين ركبت معه ثم انطلقوا الى المكان الذي اخبرته عنه كانت منطقه خاليه قرب جدول ماء صغير بدا رشيد يتمتم بكلام غير مفهوم بعدها طلب من كريمه ان تيه اين مكان الكنز فاشارت بيدها الى حمل الرشيد عصا ورسم بها دائره صغيره وطلب من الرجلين الذين معه البداء في الحفر فنهال الرجلين احدهما بفاس والاخر بمعول على الارض حفرا حتى وصل الى صخره كبيره فازاحها بايديهما لينزل رشيد الى الحفره وبدا يزيع التراب شيئا فشيئا كانت كريمه واقفه تنظر الى هذا المشهد وسط سكون الليل وظلام مكان بعد ذلك خرج رشيد من الحفره وفي يده قله فخار قديمه ثم عاد الى الحفره واخرج قله ثانيه فرحت كريمه ولم تصدق انهم اخرجوا الكنز الذي اخبرها عنه حمو وبسرعه اعاد الرجلان ردم الحفره فعادت كما كانت لا اثر للحفر في المكان حمل رشيد القلتين الطينيتين ووضعهما داخل السياره ركب الجميع ثم غادروا مكان كان رشيد مبتهجا وهو يقول لكريمه لم ارى بحياتي دفينه كهذه القلتان كبيرتان وثقيلتان لكن لا يزال امامنا امر اخر حتى نتمكن من فتحهما دون مشاكل فسالته كريمه كيف ذلك رد رشيد عليك ان تضعي شيئا من دمك على اغطيه القلتين استغربت كريمه ثم سالت ولما افعل ذلك فقال رشيد لان القلتين مرصوتين باسمك ودون دمك لن نستطيع فتحهما والا سيصيبنا اذ كبير اصلا سنحتاج قطره واحده بمجرد وخذ ابره في اصبعك وافقت كريمه ولم تمانع فاوقف رشيد السياره على مشارف المدينه ثم نزل رفقه كريمه وتوجه معها الى صندوق السياره الخلفي اخرج لها قنينه ماء وقال لها اشربي من هذا الماء ماء رقيه ستحصني به نفسك فعلت كريمه كما طلب منها رشيد شربت من الماء ثم اخذت اصبعها بابره لتضع شيئا من الدم على كل من القلتين الطينيتين. ثم أخذ رشيد مطرقة وكسرهما، لقد كانتا مليئتين بالذهب والعملات القديمة، أساور وخواتم وأحجار كريمة. كانت كريمة في غاية الفرح والسرور. طلب منها رشيد العودة إلى السيارة، قال لها: “سنذهب إلى البيت حتى نقتسم هذه الغنيمة”، وأثناء الطريق أحست كريمة بدوار في رأسها، ظنت أنه النعاس فقط، لكن الدوار أخذ يزداد حتى فقدت الشعور بما حولها. أوقف رشيد السيارة ثم أنزل كريمة بمساعدة الرجلين، وضعوها على الرصيف ثم تركوها وهربوا بسرعة. بعدها استيقظت كريمة لتجد نفسها ممددة في الشارع، ترتجف من البرد، حينها فهمت خدعة رشيد وعلمت أنها شربت منوّمًا وليس ماء مرقيًا كما ادعى ذلك النصاب. أحست كريمة بالقهر، فقد ضاعت آمالها في التغيير بضياع المال، فقامت تمشي نحو بيتها وهي تسكب الدمعة على خدها دون توقف. أغلقت الباب عليها وأمضت يومها الموالي غارقة في الحزن والهم. لاحظت خديجة أن كريمة لم تأتِ كعادتها لبيع الخبز، فقررت زيارتها للاطمئنان عليها، لكن كريمة لم تخبرها بشيء، قالت إنها متعبة فقط. مرت أيام وكريمة تعاني في صمت وتتحسر على مال كثير رأته أمامها لكنه سُرق منها في رمشة عين. وفي ليلة من الليالي، وهي بين اليقظة والنوم، سمعت كريمة صوت حمو يكلمها قائلاً: “لقد نصحتك ألا تبحثي عن علاج لطردي، أرأيتِ ما فعله معك رشيد؟ لقد قلتها لك، وأقول مجددًا: بعض البشر هم أكثر شرًّا وضررًا منا نحن الجن”. كانت كريمة تسمع دون أن تجيب وهي شاردة. بعدها قال لها حمو: “لكن لا عليكِ يا كريمة، سأرجع لكِ حقك، وسيأتيك حيث أنتِ”، ثم اختفى الصوت. وبعد يومين، استيقظت وقد قررت أن تستأنف حياتها العادية، بدأت في عجن الدقيق لتصنع خبزها، ثم سمعت صوت طرق على الباب. استغربت كريمة من ذلك، من يطرق بابها في هذا الصباح الباكر؟ فذهبت وفتحت الباب لتتفاجأ برشيد، الذي ما إن رآها حتى بدأ يتوسل إليها طالبًا الصفح وهو يقول: “سامحيني يا كريمة، أرجوك، لقد أخونني الطمع وأعمتني عيناي”. صُدمت كريمة من منظر رشيد، وهو يرتجف ويكاد يبكي، ثم قدم لها حقيبة سوداء وهو يقول: “هذا نصيبك وزيادة”، ثم غادر بسرعة وترك كريمة في ذهول. أغلقت الباب وأدخلت الحقيبة الجلدية معها، تبدو ثقيلة جدًا، ألقتها على السرير ثم فتحتها وقلبها يرفّ من الفرح، تكاد لا تصدق ما ترى، الحقيبة مليئة بالمال، حُزم كثيرة وذهب وجواهر، أساور وقلائد، شيء يفوق الوصف. لم يمر كثير من الوقت حتى افتتحت كريمة أول مشروع لها، الذي كان عبارة عن مخبزة عصرية، شغّلت معها فيها صديقتها خديجة، فازداد مالها وكثر. لكن رغم مرور الأيام، لم تتمكن كريمة من التخلص من الجن العاشق “حمو” الذي ظل مرافقًا لها، يمنعها من الزواج ويملي عليها ما يجب عليها أن تفعله. وبما أن لكل شيء ثمنه، فكريمة استسلمت لواقعها الجديد، خصوصًا بعدما ذاقت حلاوة الغنى المزيف، فمهما كان المال كثيرًا، إن كان مصدره من شيطان فلا بركة ولا خير فيه. انتهت القصة.
تعليق واحد