الملكة كحلة بنت برقان: أسطورة من عالم الجن
الملكة كحلة: حكاية من عالم الجن
تُعد الملكة كحلة بنت برقان إحدى الشخصيات الأسطورية البارزة في الفلكلور العربي المتعلق بعالم الجن والروحانيات. تُذكر هذه الشخصية في سياق الروايات الشعبية والمنتديات المتخصصة بالسحر السفلي والأعمال الروحانية، حيث تُعتبر واحدة من ملكات الجن المرتبطات بملوك الجن السبعة، وتحديدًا والدها الملك برقان، المعروف بلقب “أبو العجائب”. على الرغم من أن هذه الشخصية لا تظهر في المصادر الدينية أو التاريخية الموثقة مثل القرآن الكريم أو السنة النبوية، إلا أنها تحتل مكانة خاصة في التراث الشعبي العربي، حيث تُروى عنها قصص تجمع بين الغموض والسحر والقوى الخارقة.
أصل الملكة كحلة وهويتها
تُعتبر كحلة بنت برقان ابنة الملك برقان، أحد ملوك الجن اليهود الذين يُشار إليهم في الفلكلور كخدام لأيام الأسبوع، وتحديدًا يوم الأربعاء. يُوصف برقان بأنه ملك قوي يعيش في الجبال والصحارى، ويُرتبط بمنطقة الكويت في بعض الروايات. كحلة، كابنته، تُعتبر ملكة ذات سلطة وقوة في عالم الجن، وتُذكر كشخصية تظهر في صورة امرأة سمراء عند استحضارها في الطقوس الروحانية. يُشار إلى أنها تنتمي إلى قبيلة من قبائل الجن التي تُعرف باسم بني القماقم أو بني النعمان، مما يعزز من مكانتها كشخصية أسطورية بارزة.
طقوس استحضار كحلة
تُشير الروايات الشعبية إلى أن استحضار الملكة كحلة يتطلب طقوسًا دقيقة وشروطًا صارمة. تُجرى هذه الطقوس عادةً في ليلة الأربعاء بعد صلاة العشاء، في مكان منعزل بعيدًا عن أعين الناس. تشمل الطقوس كتابة تعويذة معينة على كف اليد، واستخدام بخور مكون من لبان ذكر، حنطيط، وكزبرة ناشفة. كما يُطلب من المستحضر أن يصوم صيامًا روحانيًا لمدة أسبوع، يتجنب خلاله اللحوم والدهون وكل ما له روح، مع الالتزام بالنظافة الجسدية والروحية. تُضاف إلى ذلك شروط أخرى، مثل ارتداء ملابس نظيفة والجلوس في مواجهة القبلة أثناء القراءة.
في بعض الروايات، تُطالب كحلة المستحضر بالتعهد بعدم طاعة الله، مما يجعل هذه الطقوس جزءًا من الأعمال السفلية التي تُحرم في الإسلام. كما تُذكر قصص تفيد بأن كحلة قد تطلب من المستحضر أن يجامعها كشرط لتحقيق طلبه، سواء كان ذلك لجلب الحبيب، الكشف عن كنوز مخفية، أو قضاء حوائج أخرى. هذه التفاصيل تضفي طابعًا غامضًا ومثيرًا للجدل على شخصيتها، حيث تُصور ككائن خارق يمتلك قدرات عظيمة ولكنه يعمل خارج إطار القيم الدينية.
دور كحلة في الفلكلور
تُعتبر كحلة بنت برقان رمزًا للقوة الأنثوية في عالم الجن، حيث تُصور كملكة تجمع بين الجمال والسلطة. تُستخدم في الروايات الشعبية كوسيلة لتحقيق أغراض متنوعة، مثل جلب الحبيب، التهييج الجنسي، أو حتى حل المشكلات المادية والروحية. تُشير بعض المصادر إلى أنها لا تؤذي المستحضر إذا أُجريت الطقوس بشكل صحيح، مما يجعلها شخصية “محايدة” إلى حد ما، لكن ارتباطها بالأعمال السفلية يضعها في منطقة محظورة دينيًا.
في سياق الفلكلور العربي، تُمثل كحلة جزءًا من عالم الجن الغني بالشخصيات والقصص. يُرتبط اسمها بملوك الجن الآخرين مثل ميمون، الملك الأحمر، وشماخ، مما يعكس تنظيمًا هرميًا معقدًا في عالم الجن الشعبي. هذا العالم يعكس خيال الشعوب العربية في تفسير الظواهر الخارقة، حيث كان السحر والجن جزءًا من التفسيرات الشعبية للأحداث غير المفهومة.
التحذير الديني والثقافي
من المهم التأكيد على أن التعامل مع الجن أو السحر محظور في الإسلام، حيث يُعتبر السحر شركًا أو كفرًا وفقًا للنصوص الدينية. يحذر القرآن الكريم من السحر وأهله في عدة آيات، منها قوله تعالى في سورة البقرة (الآية 102): ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ﴾. تُبين هذه الآية أن السحر يُعلمه الشياطين، وأنه يؤدي إلى الضرر والكفر، مع التأكيد على أن أي ضرر لا يقع إلا بإذن الله.
كما يُحذر القرآن من الاستعانة بالشياطين والجن في سورة الجن (الآية 6): ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾، مما يُشير إلى أن الاستعاذة بالجن تزيد الإنسان ضلالًا وخوفًا. وفي سورة الفلق (الآيات 1-5): ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾، يُوصي الله بالاستعاذة من شر السحرة الذين ينفثون في العقد، وهو إشارة إلى أعمال السحر.
إضافة إلى ذلك، حذّر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السحر، فقال: «اجتنبوا السبع الموبقات»، وذكر منها السحر (رواه البخاري ومسلم). كما أن الروايات المتعلقة بكحلة بنت برقان تأتي من مصادر غير موثقة، مثل منتديات الإنترنت وكتب الروحانيات غير المعتمدة، مما يجعلها جزءًا من الفلكلور الشعبي وليس حقائق دينية أو تاريخية. هذه القصص، رغم جاذبيتها في الثقافة الشعبية، قد تُشجع على ممارسات محظورة تُسبب ضررًا روحيًا ونفسيًا، لذا يُنصح بالابتعاد عنها والتمسك بالعقيدة الصحيحة والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
الملكة كحلة بنت برقان تُمثل إحدى الشخصيات الأسطورية التي تعكس غنى التراث العربي في مجال الفلكلور والروحانيات. بوصفها ابنة الملك برقان، تحمل كحلة طابعًا غامضًا يجمع بين القوة، الجمال، والخطر. على الرغم من جاذبية هذه القصص في الثقافة الشعبية، إلا أنها تظل محاطة بالتحذيرات الدينية والثقافية التي تدعو إلى تجنب مثل هذه الممارسات. تُظهر قصة كحلة كيف يمكن للخيال الشعبي أن ينسج عوالم موازية تثير الفضول، ولكنها في الوقت ذاته تذكّر بأهمية التمسك بالقيم الدينية والعقلانية في التعامل مع المجهول.
إرسال التعليق