جاري التحميل الآن

خرطوم الفيل

بقلم:عبده على فهد

ايقظتني حرارة الشمس ، مرهق مُجهد ، نظرت الى اقصى حد ، فلم اجد حولي احد ، احس رآسي ثقيل ، والدماء منه تسيل .
جلست القرفصاء ، مستندآ على ذراعي الى الوراء .
اين اناء !، كيف اتيت إلى هذا الساحل القاحل !، من اناء ؟.
سوف استظل تحت الصخر ، من حرارة الشمس .
ذاك ارنب !، كيف لي ان اصطاده ، والدماء من رأسي تسيل ، ليس فيٌ حيل .
إن الصقر يحوم ، هاهو انقض على الأرنب ، لقد افترسه ، وتركه يصارع الموت ، إنه يقف على صخرة قريبة ، يراقب متى يتوقف جسد الارنب عن الحركة !.
سأحاول أن أصل إلى الارنب قبله ، فأناء أحوج منه إليه ، أشعر بالجوع والألم معاََ .
ها أناء امشي اترنح آه ، آه ، الصقر يتململ ، كدت أن أصل ، لقد حط الصقر على الأرنب ، ها هو غرز مخالبه ، في ظهره ومنقاره خلف رآسه ، إنه يستعد للإقلاع به ، عليٌ الإسراع ، سأقذفه بهذه الحجر ، لقد اصبته ، ها هو ترك الأرنب وطار ، إنه أرنب سمين .
جمعت الحطب ، و بالأحجار أشعلت اللهب ، شويت ثم أكلت .
عثرت على كهف صخري ، فرشته بالاعشاب ، نحت بابه من الأحجار ، اويت إليه ، فكان نعم الدار .
اوقاتاََ كانت تهاجمني السباع المفترسة ، قطعت أعواد شجرة شوحط ، صنعت منها حراب ، حادة مسنونة ، وضعتها في كهفي ادفع بها عن نفسي .
في ليلة مظلمة ، ايقضني لهث وشخير ، نظرت ، فإذا بأسد باب كهفي ؛ فاتحاََ فمه ، مكشراََ أنيابه .
اخذت حربتي ، امسكتها بكلتا يديٌ ، صوبتها نحو فمه المفتوح ، ثم طعنت بكل قوة ، اخترق بلعومه وخرج من خلف رآسه ، أفلت العود من يدي ، بقي مخترق حنجرته ، ظل الأسد يضرب رآسه على الصخور ، ذات اليمين ذات الشمال دون جدوى ، صار مخزوم كالأفعى ، بقيت انظر إليه اراقبه بحذر ، ممسكاَ بيدي الرمح الآخر ، مكث فترة يتخبط ، ثم خر مي . نطحت بعض الأحجار ، ببعضها بشدة انكسرت منها قطع حادة ، اجتزيت رأس الاسد ، و وضعته على باب الكهف معلق .
ثم أكلت كبده و قلبه بعد ان شويته .
بقيت على هذا الحال ، لأدري من اكون ، مرة الايام .

تخليص إبنة الأشقر

ذات مساء جلست خارج الخدر استنشق الرذاذ ، تحت ضوء القمر ، كان موج البحر متلاطم ، لمحت قارب عائم ؛ يعتليه راكبان.
اقترب القارب من اليابسة ، فنطة منه فتاة غاصة في الماء .
استمرة الفتاة ؛ تصارع وتكابر ، حتى وضعت قدميها على البر .
كان معظم جسدها عاري ، بعد ان مزقة ثيابها الصواري .
لم يسترها سوى شعرها ؛ كإنها جوهرة من الجواهر ، تبهج الخاطر وتسر الناظر .
لمحتني ، فحثة نحوي المسار . فنط خلفها مخلوق بشع يريد الامساك بها ، جلمود مقلوب الشفاة ، لافرق بين وجهه وقفاه . تلمع اسنانه وعيناه كأنها برد ، رُصع على صخر اسود ، بقيت في موضعي قاعد ، والنار امامي تستعر ، اقتربة الفتاة من النار ، فغضيت طرفي عن جسدها العار ، ألقت إليً بخنجر ، فأمسك المارد بظفائرها ، فصرخت صرخة إستغاثة ، بصوت مريع ، بعد ان شد شعرها بإحدى يديه بشكل فضيع ، وحملها في حظنه كالرضيع ، فلوحت بيدها نحوي وقالت : اجيروني ياسكان المكان !. فلبيت النداء ، وقبل ان يخوض بها الماء ، صحت عليه بصوت لا إرادي ؛” توقف!” استمر ماشي ولم يكترث لامري ، اقتربت منه ناديته دعها ياغريب !، التفت نحوي وقال بصوت يتغرغر وانف يشخر : إذهب يافتى !، لا تحول بيني وبينها ، فأنت لن تقوى .
أستمر ماشي دون ان يبالي ، فرميته بالخنجر ؛ انغرز في ظهره وغاص ، لم يبق منه عدى مقبض الاخماس ، التفت نحوى ؛ فاتحآ فاه ، كانما وقع على ظهره حصاة .
عاد الى البر فوضع الفتاة ، والدم يسيل من ظهره ، عض لسانه وبرزة انيابه ، هجم عليا بكل كيانه ، دخلت وكري اتدبر امري ، فلحقني ، وعند وصوله الباب تصلب وتجمد ، بعد ان نظر الى وجه الأسد المعلق ، ثم دار نحو الفتاة ، فمشيت خلفه ، قذفته بشرارة ، اثارة الجمرة غضبه ونحوي عاود الكرة . خدعته فاختفيت ومن خلف الاشجار لفيت ، حتى وصلت الى الفتاة .
اقتدتها دون ان يشعر ، بينما كان واقف ، ناظر الى وجه الاسد .
تلفت فلم يجد الفتاة ، فحل به الفزع ، تخبط باحثاََ عنها .
بينما اتيت بالفتاة الى وكري دون ان يدري ، ادخلتها وعلى جلود السباع اجلستها ، ثم خرجت فإذ به متجه نحوي ؛ غاضب مكشر ، بانياب كانياب الفيل .
فقلت : تدور الدوائر على الباغ ، كريت عليه بعصاء ، فراغ
وباشرني بركلة هوت بي فعلقت في فرع الشجرة ، حاول التسلق ، وكلما صعد انتكس ، فتقوقع وجلس .
امطرت السماء ، مصحوبآ بالصواعق والبوارق ، انفجرت فيه صاعقة ، تصاعد على إثرها الدخان وملاء المكان ، لم يعثر في مكانه إلا على الخنجر لا اقل ولا اكثر . بقيت الخنجر تلمع ليس عليها اي اثر .
عدت الى وكري متبلد ، فوجدت الفتاة جالسة وقد سترة عورتها بجلد ، سالتها بعد ان طمنتها بهلاكه : هاتِ ماعندك إشرحي قصتك؟.
ردت : اناء من جبل القمر ، إبنة الملك الأشقر ، لاأقل ولاأكثر .
لن احكي لك قصتي الا بعد عودتي لاهلي . هل تساعدني ؟. مالم سوف اعود على القارب بمفردي !.
رديت : سافعل !. دعك من العجل !.
لكن كيف السبيل لإيصالك لأهلك؟. ردت : علينا العثور على القارب ، ففيه النوادر والعجائب .
نزلت بمفردها وغاصت ، وبعد برهة عادت ، وقد ارتدت الثياب ، فقالت : والآن !، عجل بالركوب ، إن كنت ترغب بمرافقتي !.
: هاك خذي خنجرك !.
: كلا !، هو مني لك مكافأتك .
ركبناء القارب ، ابحرناء في بحر عجاج ، متلاطم الامواج ، تارة نصعد نحو الآفاق ، و تارة نهبط نحوى الاعماق ، لم نك نتدخل في توجيه القارب ، ولم نعلم في اي إتجاه ذاهب .
مضة عدة ايام ، سألتها : في اي بحر نحن من البحور ؟.
متى سنصل جزيرتك ؟.
تبسمة وقالت : لاتكن كثير السؤال !.
امتديت حسب العادة على خشب القارب ، و في ليلة ظلماء وبينماء اناء ناظر الى نجوم السماء ؛ اشتد هبوب الرياح ، فهاج البحر ، تقاذفة القارب الامواج ، تشبثنا بالصواري ، كان الموج عاتي ، القى بناء خارج القارب بعد ان انقلب رإسا على عقب ، حينها فقدت وعيي …
أفقت الصباح ، وجدت نفسي ممتد في جرف ساحلي ، بمفردي ، والخنجر معلق على رقبتي ، لم اجد للفتاة اثر .
مشيت نحو البر ، فإذا بي ؛ على شاطئ جزيرة مترامية الاطراف ، تعج باصناف الاشجار يانعة الثمار ، اكلت مالذ وطاب ، دخلت كهف صخري ، نمت نوم عميق…
ايقظتني اصوات قهقه وصراخ ، نظرت !، ماهذا الذي ارى ، جمع غفير من الدببة وقرود الرباح .
سوف استمر ماشي ، ربما اجد الفتاة ، ماهذه الاصوات التي تصدر من فج هذا الوادي ؟. هل عليا ان اغير مساري ؟.
لكن ربما كانت اصوات أهل الفتاة !.
يتحتم عليا ان ادخل لأرى !.
يا للعجب !. اصناف من البشر ، معلقين على فروع الشجر ، بأشكال بشعة ، وجوههم في نحورهم
حُفاة عراة لم افهم لهم لغة ؛ عيون غائرة وانياب بارزة ، للواحد قرن في رآسه .
هل يستغيثون بي لفك اسرهم ؟.
لقد استأنست بهم رغم بشاعتهم ، سوف احاول فكهم !.
سأبدا بتسلق جذع هذه الشجرة !.
: توقف !. توقف !.
من اين يصدر هذا الصوت ؟.
التفت فإذا بالفتاة تقف خلفي !.
: من اين ظهرت ايتها الفتاة ؟. وكيف نجوت ؟ .
ردة : علقت على قطعة خشب من خشب القارب ، وها اناء احث عليك الطلب !.
قلت : اخبريني من هؤلاء المعلقين ؟.
ردت : انهم من سكان جزيرة الشيطان ، قيدهم والدي في هذا المكان ، فلايستطيعون مغادرته على مر الزمان .
: ماهو الجرم الذي اقترفوه ؟.
ردت : إنهم مردة ، عتاة ، كلا منهم يعاقب بما اقترفته يداه ، قيدهم والدي ، ولن يملك احد الصفح عنهم سواه .
عصوا امره ؛ رفضوا التقطع لمراكب المسافرين ، ونهب ما تحمل من متاع وتموين ، وجلب جثث وعظام الميتين .
: اتوافقين والدك فيما يفعل ؟ .
: كلا !. فالاشقر مصدر الشر ، يتغذى على دماء البشر ، وله خُدام ياتوه بالاخبار بلمح البصر .
سلكناء طريق متعرج نحو القمة ، دخلناء كهف نستظل فشممنا رمة ، فإذ به مليئ بعظام وجماجم بشر ، والبعوض والسوس فيها تنخر .
: ما هذه الحيف والروائح النتنة ؟.
ردت : هؤولاء من التهمهم البحر في مراكب المسافرين ، فاحضرهم الجن الغواصون ، ليكونوا طعامآ لهم لعدة سنين !.
: توقفي هاقد وقعت في قبضتي !. أنسيت إنك زوجتي !. وان والدك قام بتزويجك بغيري ، وانت لازلت على ذمتي !.
تصلبت الفتاة ، عن الحركة والكلام !.
سألتها : من هذا العملاق ؟.
لم تجيب !، نظرت إليها ، فإذا بها ؛ فاتحة فمها ، متغير لونها ، متجمدة عيناها .
درت نحو العملاق ، فسألته بصوت رنان : ماذا تقول !. قد منحت هذه الفتاة الامان ، حتى اوصلها قصر والدها الاشقر ، وليس لك عليها سلطان ، ربما كان ما تقوله زور و بهتان !.
نظر إليً بإستهجان وصرخ : أيها الاعوان !. إقبضوا عليهما ، قيدوهما بالاغلال !.
انقضوا عليناء مسرعين ، اقتادوناء مربطين ، ألقوا بناء في سجن حصين .
فقلت للفتاة : هانحن مقيدين في هذه الغرفة مسجونين ، اخبريني يافتاة ، عن صواب ماقاله هذا المخلوق ، من خطاه ؟.

  • إن ما قاله صحيح !. لكن دعني اعطيك بعض التوضيح !.
  • اوضحي بإختصار غير مخل ، فأناء لم اعد احتمل !.
  • هذا ملك جبل النوق ؛ مخلوق هجين بين النار والطين ، اوقاتاََ يظهر بصورة بشر ، و تارة يظهر على هيئة دخان .
  • دعك من شكله ، أين تكمن المشكلة ؟.
  • تمهل !، لقد انحشر لساني في فمي من شدة خوفي ، وهذا سبب تلعثمي .
    هذا الملك له اخت فائقة الجمال ، عشقها ابي ، فطلب زواجها ، فشرط آخاها على ابي ان يزوجني به مقابل اخته ، فأجبرني ابي على القبول ، فتزوجته مرغمة ، وكان ابي شرط عليه شرط لازم ؛ هو ان يسكني دار، ويسكن هو في دار اخر ، وان لايدخل بي ، الا بعد ان تلد اخته لابي ولد ! .
  • هاه ! اكملي نفذ صبري !.
  • تمهل ، دعك من العجل ؛ بعد ذلك حملت زوجت ابي ، فوضعت ولد .
  • هاقد تحقق الشرط ، هل ذهبت الى داره ، ام اتى الى دارك ؟.
  • كلا ! لم يأت !. ولم اذهب !.
  • فما الذي حدث ؟.
  • نشب خلاف بينه وبين ابي .
  • على ماذا اختلفا ؟.
  • جوهر الخلاف ؛ ان المولود الذي ولد خرج ميتا ، لم يستهل بأمارة حياة ، ففرض علي الملك حصار ، ومنعني من مغادرة الدار ! .
    بلغت والدي الاخبار ، فثار ، واستعان بالمردة وألأشرار ، واشترط على نفسه ، تزويجي ممن يأتي بي اليه ، محموله على كتفيه .
    نشب قتال ضار ، اقتحم الاشرار داري ، فحملني احد الأشرار على كتفيه اوصلني لآبي في نهاية المصار .
    اعطاني ابي له زوجة ، فحملني على القارب ، وإليك اوصلتنا المآرب ، وها انت ترى كيف اضحى زواجي اعجب من العجائب !.
    : ليس لك ذنب ايتها الفتاة ، فأباك هو السبب ، وعشقه كان مصدر بلاه .
    لماذا لم تخبريني بقصتك حينما خلصتك من المارد ؟.
    : خشيت ان تطمع فيني ، فتعزف عن مساعدتي .

مقتل ملك جبل النوق

والآن اقتربي مني !.
: هاقد دنوت !.
فتحت فمها ، عضت مقبض الخنجر ، اخرجتة من عنقي ، فقالت : سوف أقطع سلسلة يديك ! .
: لكن كيف لهذا الخنجر ان يقطع الحديد ! .
: دعك من الفضول ، نفذ ما اقول ! .
: هاقد انقطعة سلسلة يديك ، اقترب ، مزق اغلالي …
فكيناء الاغلال ، بقي مغالق الابواب !.
: اعطيني الخنجر ساقوم بفتح الابواب ! . هاهي الابواب انفتحة ، هل لديك معرفة بالممر الى خارج الدار ؟.
: انتصف الليل ، لم يبق سوى حراس المداخل ، اتبعني ياهمام ، بخنجرك السام ! .
: ها هو الحارس الاول استقام .
: الى اين آيتها الأميرة بلق ، في هذا الوقت المتاخر ، ومن هذا الفتى الذي خلفك يسير ؟.
: سنطوف على الحراس !. ربما داهم احدهم النعاس ! . وهذا اخي .
: لم نك نعلم ان لك اخ طويل القامة ، مرفوع الهامة ،مفتول العضلات والسواعد ، حنطي البشرة ، كهذا ! . لكن اعذريني !. الملك منع خروجك !
: لقد اصطلحناء وعدناء ازواج كما كناء ، واطلق صراحناء ، وفك قيودناء كماترى !.
: تفضلا بالمرور ، غمرتناء البهجة والسرور .
قالت : هاقد تخطيناء الابواب ، عليناء الاسراع ، قبل ان يصحى الملك !.
: هل قلتين يصحى؟.
: نعم ! سيلحق بناء .
: لن ندعه يصحى للابد ، سنعود الى مخدعه ، فننتزع روحه ، وتصبحين ملكة بدلا عنه .
: اتمنا ذلك لكن كيف! .
: اضحى ذلك يسير لايحتاج الى تفكير ، فبعد ان انطلة على الحراس حيلتناء ، لن يعترض احد مرورناء ، هيا بناء …
: هذه هي غرفة نومه ، إعطني الخنجر ، سأخذ بثاري ، إبق مستقيم على الباب ، إذا سمعت طرق جدار ، إعلم ان راسه قد طار .
دخلت وبقيت أناء واقف ، سمعت عراك يدور ، فدخلت على عجل ، وجدته مطبق الخناق على الفتاة ، واضعا على رقبتها الخنجر وهو يتجلجل ، اختفيت خلف الشراشف ، باغته من خلفه وهو واقف ، انتشلت الخنجر من يده ففصلت رأسه عن جسده .
فحملت الفتاة راسه ، وطافت به على الحراس ، واناء اسير خلفها بتحدي شاهرا خنجري ، الكل اعلن الطاعة والولاء فصارة ملكة خلفا لزوجها .
بلغ الاشقر خبر مقتل الملك ، على يد ابنته ، فأرسل الوفود ، طالبا ظم مملكتها الى مملكته .
استأة بلق من تصرف والدها المشين ، فقالت : خلصتني من المارد الذي لايطاق ، و من ملك جبل النوق العملاق ،
بقي لك ان تخلصني من والدي الاشقر ، فهو مصدر الشر ،
وجرائمه وافعاله لا تعد ولا تغتفر !.
: او صليني إليه ، بشرط ان لاتذرفين الدمع عليه .
: لك ذلك ، اتبعني بخنجرك !
: لماذا اعطيتيني الخنجر ؟.
لن اجيبك على هذا السؤال ، الا بعد ان تتحقق الآمال ، قصر الزمان او طال .

قتل الملك الأشقر

مشينا حتى وصلنا حافة الجبل ، فإذ به يقابلنا تل ، وبينهما هاوية ، تندفع من قعرها حمم والسنة لهب .
استقمت واقف ! اشتم رائحة زهم وانظر تقاذف الحمم ، ثم التفت نحوها فقلت : ليس بعد هذا لجحيم نعيم ، فما خلف هذا هو الهلاك وليس قصر اباك !. ردت بإصرار : خلف هذا التل قصر والدي مزاحم الاشقر ، إن عبرناء هذا الممر تعدينا الخطر .
قلت : يا فتاة ربما نهلك هل لك ان تخبريني بإسمك ؟ أهوا فعلا بلق ؟. ردت: نعم !. اسمي بلق .
: والآن كيف السبيل للعبور من هذا الفج المسعور ؟ .
لكن قبل العبور اريدك ان تفتيني في عدة امور ؟.
لم اراك تشربين الماء او تشكين الضماء !. : لماذا فمك لايبتلع الطعام وعيناك لاتغط بالمنام ؟
ردت : حرم جوفي الأدام ، وهجر عينايً المنام ، إلا بعد ان اخلص البشر من ظلم الأشقر !.
فعولت عليك في قتل والدي مزاحم ، لِما رآيته فيك من اقدام .
لن اخيب ضنك !. طريقي بعد اليوم طريقك ، بعد ان رآيت العدالة ، تشع من عينيك ، والصواب ينساب من شفتيك .
اخبريني !، كيف سنعبر هذا الجحيم ؟.
: ماذا تشاهد في الجانب المقابل ؟.
: خشبتان منصوبتان بينهما صخرة .
: هل تلاحظ شكل الصخرة ؟.
: نعم ! . إنها منحوته على شكل خرطوم فيل .
: خرطوم الفيل هذا هو المفتاح ؛ إذا انحنى الى الاسفل ، انبسطة الخشبتان ، فيعبر عليها البشر ، وان ارتفع الخرطوم الى الخلف ، انتصبت الخشبتان ، وانقطع الممر .
وهذ سر تحصين قصر والدي من وصول الاعادي اليه !.
: هل هناك ممر آخر ؟.
: كلا !. هذه هي الطريق الوحيدة .
: هل من حيلة ، او وسيلة ؟.
: عليناء ان ننتظر ؛ تجار البخور ، و العطور ، فننحشر في صناديقهم بتخفي ، فهؤلاء التجار ، يفدون الى قصر والدي مرتين في العام .
: لكن. ألا ترين إن ذلك يتطلب مناء البقاء هناء فترة طويلة !.
: نعم ! ما باليد حيلة !.
: اخبريني ؛ كيف يتم رفع وخفض خرطوم الفيل ؟.
: انظر إلى السلسلة التي أسفل الخرطوم ، يأت فيلان جراران ، فيجرانها ، الى الخلف ، فتنتصب الخشبتان وينقطع الممر . حيث توثق السلسلة بصخرة اخرى في الخلف . وحين تحضر قوافل التجارة ، او رسل الممالك المجاورة ، يقوم الحراس بنقل الخبر ، الي والدي ، فيأمر بفك الوثاق ، فيهبط خرطوم الصخرة الى الاسفل ، فتنبسط الخشبتان ، وينفتح الممر . لكن لماذا كل هذه الاسئلة ، و الاستفسار ، وها اناء اراك تقف ؛ متبلد ، محتار !.
: اخبريني !. هل بمقدورك احضار نجار ، وبعض الأخشاب !.
: نعم ! . لكن ما تفكر القيام به محال !. فعمل جسر عبور ، يحتاج ؛ رافعات اثقال ، و أخشاب طوال ، بالإظافة الى نحاتين صخور ، وحدادين سلاسل ، وانجاز ذلك يستغرق دهور ، وقد يرى المراقبون ذلك ، فيخبرون الملك !.
دعك من ذا وذك !. هيا إذهبي ، لبي مطلبي ، على عجل ، الى خلف هذا التل !.
نظرت اليه بإستغراب ، فلاحظة على وجهه الغضب .
ذهبت يرافقها بعض الاعوان … عادة و قد احضرة ؛ نجاران ماهران ، وعدد من اخشاب الزان ، ثم قالت : هاقد لبيت الطلب ، والآن دعني اذهب لقضاء بعض حوائجي ، سوف اعود بعد عدة ايام ، تكون قد انجزت ما تنو القيام به من مهام .
: لاتغيبي كثير ، قد ينجز العمل في وقت قصير !.
وصلت بلق قلعتها ، فوجدت اخت زوجها ، قد اعتلت عرشها ، وقتلت اعوانها .
بمجرد ان وقفت باب القصر ، قبض عليها الحراس ، اودعتها السجن انتقاما لأخيها .
انجز النجارين عملهم المعهود ، مضة عدة ايام ، بنت الاشقر لم تعود ، احتاس ، داهمه الوسواس ، لم ينتظر ، بل وضع على المعدات بعض الحراس ، انطلق مسرع نحو القلعة . تلقته الاخبار بماجرى وصار .
دخل القلعة ليلا متخفي من باب سري ، كتم انفاس الحارس ، وانقض على السجان ، اطلق سراح الفتاة ، توجها نحو غرفة الملك ،
وجداها تغط في سبات عميق ، لم يسمحان لها ان تفيق ، اجتزت عنقها بالخنجر ، و وضعة راسها في الممر ، ثم اطلقت سراح اعوانها ، فعاد اليها عرشها .
والآن بعد ان استعدت عرشي ، اخبرني !. هل اتممت ما عزمت عليه ؟.
: نعم !. لولا غيابك ، لكان قد قُضيّ أمر والدك !.
: بل لولا حضورك وانقاذي لكان قد قُطع رأسي !.
لنعود نرى ماستقوم به ، وماذا صنعت من اعجوبة !.
: هاقد وصلناء ، سننقل هذا المجدف الى حافة التل ! …
: وها نحن اوصلناه ارني ما انت فاعل !.
: هيا !، صوبوا المجدف نحو خرطوم الفيل !. ضعوا كتل الاحجار عليه !. اقذفوا بالاحجار خرطوم الفيل !.
هيا اسرعوا !. كرروا !. انه على وشك التحطم !. اقذفوا !.
: توقفوا !. لقد سجد خرطوم الفيل الى الاسفل ، بعد ان انكسر . انظروا !. هوت الخشبتان ، انبسطة وانفتح الممر .
قالت : فلتحيى وتدوم ايها البطل !.
هيا اسرعوا خلفي بالعبور !.
: كم تبقى حتى نصل قصر والدك ؟ .
: انه خلف ذك الوادي ، ابق انت هناء متخفي ، ساذهب الى ابي !. قد اعود وقد لا اعود!. لاتضع خنجرك من يديك ، ففيها خلاصك!.
استقبلها الاشقر ، على رآسه عُرف الديك ، سألها : لماذا اتيت بالإنسي اليناء وانت تعلمين انه من اعاديناء !.؟، لماذا اعطيتيه الخنجر ؟، لقد عرضت حياتي للخطر ؟، اين اللص الشارد الذي قتل المارد ؟ ردت : العبد المارد خان فاستجرت بسكان المكان ، فأجارني انسان ، اعطاني الامان .
رد : اذهبي قبل ان يحل عليك غضبي . إحضري هذا الانسي امامي ؟
عادت إليً بلق ، عيناها تقدحان ، قالت: آن الأوان ألآن… اتبعني !.
: اوصلتني الى الاشقر ، كان صائل جائل بين الابراج ، تحفه الخدم والأعوان ، تلتف حول عنقه أفعى ، وعلى خصره ثعبان .
وقفناء أمام الاشقر ، يفصل بينناء وبينه موقدان ، بالنار يستعران .
انحنة الفتاة ، بينما بقيت مستقيم ، أشار اليً بالبنان ، وقال : آراك لم تركع !، كيف لك أيها الدخيل ، ان تتجراء وتعتد على خرطوم الفيل ؟، كيف تطأ مملكتي بعد أن قتلت زوجا إبنتي ؟. لماذا سلبتها خنجرها بعد ان قمت بأسرها ؟.
هيا اجب لاتتردد؟.
نظرت يمين ، شمال ، شاهدت أشكال بشعة ؛ البعض له على رآسه قرون ، والبعض له ذيل ، والبعض فريد العين والقدم .
يطاف عليهم بأكواب شراب مملؤة بالدم ، بقية صامت .
لماذا لم تجيب؟، اخبرناء بقصتك قبل ان نشرب دمك !.
ظليت اتلفت حولي ، لم اتفوه بكلمة .
أنتاب الاشقر قلق فقال : إسأليه يابلق ربما نطق !.
ردت بإذعان : ياملك الانس و الجان !، هل تأذن لي ان اجيب عنه ؛ فهو اصم لايسمع ، وابكم لايتكلم !.
رد بتعجب : كيف لمن ليس له آذان ان يغز قلاع الجان !.
: إنك يا والدي في ذلك محق ، لكن دعني اعطيك بعض الحقائق ؛ رغم فقد هذا المخلوق سمعه ، وخرس لسانه ، إلا انه يمتلك بعض الخوارق .
اخبريناء يابلق : فقد اعتراناء التوتر والقلق !.
اليكم بعض الأمثلة : هذا المخلوق الأصم ، يقف على رؤس القمم ، فينظر الذهب في جوف الصخور ، ويراى اللؤلؤ المحشور في جوف المحار في قعر البحور ، ويحدد ثغرات وممرات القلاع والحصون ، وعدة وعتاد العدو قبل ان تطأ قدمه أطراف الحدود .
إن كان كذلك فنحن نحتاج إليه ، لكن ما من دليل على ما تقولينه ؟.
: الدليل يا والدي المصان ظاهر للاعيان ؛ هاهو قتل المارد بلمح البصر بعد ان رصده قبل ان تطأ أقدامه البر ، فأستعد وتحضر ، كما انه قتل ملك جبل النوق في قلعته وغرفة نومه ، متخطي كل حراسه واعوانه وسجانيه ، واخيرا هاهو أمر الفيل بفتح الممر قبل ان يكن قد حضر ، فهل أنتم معتبرون بهذه العبر ؟.
تشاور الملك مع من جواره ، فأجمعوا على إختباره .
خصص له الأشقر مقر إقامة ، وأقام على خدمته ، خادم من خدامه .
دخلت عليه بلق مبتسمة ، حوامة ، دوامة كانها عوامة ليس لها في الارض إقامة .
استقام وإليها وجه الإتهام : تتقنين الكذب بلباقة ، والكذب يتنافى مع صفة العدالة ، أخشى أن تكوني عقرب !.
لم اقل سوى الحقيقة ؛ الست من قتل المارد !، وقضى على العملاق ، ودك خرطوم الفيل !.
إن قول الصدق هو من نجاك من الهلاك ، بعد ان تجمدة عروقك وجفة لسانك .
: كنت اريد أعرض عليه المبارزة ، فقمت أنت بالمقاطعة .
: لاداعي للجدال ، إستمع إلى ما يقال !.
سأعود إلى قلعتي ، إبق انت هناء ترصد والدي ، متى ما قضيت عليه ، أرتديت هذا النعال ، ستجدني اقف امامك في الحال .
بقيت مقيم في الغرفة التي خصصها لي الملك ، يأتيني الخادم بحاجتي ؛ من ماء وطعام وشراب.
كان الثعبان والافعى ، يقفان عقبة في طريقي ، حيث كان رعبهما يغز جسدي ، قررت أن أبداء بالبحث عن طريقة للقضاء عليهما .
لاحظت عبد يدخل غرفتي ، ويصعد إلى سطح القصر ، من فتحة بالسقف عبر سلم ، ثم ينزل حاملا بيض حمام ، قنينة ماء .
كان يتكرر ذلك كل يوم ، قررت أن أراقب العبد اين يذهب بها؟.
تتبعته بحذر ، حتى وصل غرفة الملك ، فوضع البيض والقنينة داخل قفص الأفعى والثعبان ،
فالتهما البيض وشربا الماء .
عدت متخفي إلى وكري ، قلت في نفسي : إن وضعت سم لن يفيد ، فهما السم بذاته .
اهتديت إلى النبيذ ، أستبدلت ، قنينة الماء بقنينة نبيذ .
أتى العبد حسب عادته ، أخذ البيض والقنينة في المساء ، وذهب بها إلى غرفة الملك .
كان عادة الملك أن لاينام ، الا مع الثعبان والافعى ، على السرير ، يحرسانه من اي كيد او تدبير ،
بمجرد ان التهما البيض وشربا النبيذ ، هجما على الملك ، في السرير ، لدغاََ و عضاََ ، حضر الحراس بعد سماع الصياح ، فهاجمتهم الأفعى والثعبان ، وهما في حالة سكار ، لاذوا بالفرار .
طلع النهار ، فدخل الاعوان ، وجدوا الملك قد فارق الحياة ، والافعى والثعبان دائخان .
لبست النعال ، فحضرت بلق في الحال .
اخذت عرف الديك من تاج أباها ، وضعته على رآسها ، أصبحت ملكة خلفا لاباها .
شرد من كان حوله من الأعوان ، وبطل عمل الارصاد .
فكت قيود المقيدين في السهول والجبال .
بعدها اصطحبتني إلى حافة الجبل ، فقالت : انظر منابع النيل ؟
كيف تسبح فوق هذا البحر النتن ؟
: فشاهدتها تمشي على سطح البحر خيوط امشاج ، ثم تدخل تحت الجبل وتخرج من الجانب الاخر للجبل وقد تجمعة سيل عجاج .

بلق تثأر لابيها
ذات يوم اوقفتني الى جوارها يحفها خدمها . سألتني : ماهو إسمك ايها الانسي ؟
: لزمت الصمت ، فأناء لا ادري ما إسمي !، لا اعلم كيف اتيت ، والى الساحل اويت ، فلم يناديني احد غيرها !. التفتت وقالت: لم تفصح عن اسمك ياهُمام ، فليس لك هُناء مقام ، عليك الذهاب قبل ان تعصف بي روح الثآر والانتقام ، فأنت من قتل ابي ولايُجدر بي ان ابقيك إلى جانبي !.
خذوه ايها الاعوان انفوه خلف البحار !.
: اغمضوا عيناي ، وشدوا عليها العصاب ، اقتادوني عدة ايام وليال ، ثم القوا بي فوق قارب ، وقالوا : إعلم إنك على قارب ، عائم في بحر متلاطم ، ها قد اخبرناك ، بما انت عليه قادم .
ازالوا العصاب عن عيناي ، و تواروا عني . ابحرت ثلاثة ايام ، دون ماء اوطعام ، رسيت على شاطئ قاحل ، في ليل دامس ، مشيت بإصرار ، لا أدر إلى اين المسار .
وجدت نفسي في صحراء ، وقبل طلوع النهار ، هب إعصار ، عصفة بي عاصفة ، رمال ، خريت على إثرها صريع .
افقت ، فرأيت نفسي في سهل بين تلال ، تعصف بي الرياح وتنهال على وجهي ذرات الرمال . بصعوبة اخرجت نصف جسدي الغائص في الرمال ، تحسست خنجري ، فوجدته معلق في رقبتي … كان الشمس في كبد السماء . رايت ما آل إليه المآل ، فضاق بي الحال قلت في نفسي : إن بلق أشر مخلوق في جبل النوق ، خلصتها من اباها، فناصبتني عداها .

إستعادة الذاكرة

مشيت فإذا بغبار يثار وصلصلة وجلجلة وقرع طبول .
اقتربت فإذا بقتال ضار ، بقيت اشاهد إلى آخر النهار ، توقف القتال ، انسحب كل فريق في إتجاه ، يجر جرحاه وقتلاه .
انسحبت نحو تل ، كي استشف مايحصل .
ما هذا !، هذا الجبل المنهار ، إنه نفس المكان ، هناء كنت اقف ، عندما انهالة على الصخور وانهمرة فوقي الاحجار حتى طمرتني .
اناء ابن السلطان ، لكن من اخرجني من تحت الأنقاض ، كيف وصلت الساحل .
هناك فارس قادم !.
: من انت أيها الفتى ؟، وماذا تفعل هناء؟.
: عابر سبيل ، شاهدت غبار المعركة ، فتجنبت ساحتها .
: ربما تكن عين من عيون السلطان هواش !.
: كلا !، اناء من جبل القمر .
: لم نسمع بجبل القمر اين يقع ؟.
: قرب جبل النوق .
: اين يقع جبل النوق هذا ؟.
: مملكة الأشقر .
: إن لم تكن ماكر ، فها هو الجنان عليك ظاهر ، إذهب من هناء قبل ان اقط عنقك ؟.
مشيت مسرع اتعثر في الأحجار والحفر ، حتى وصلت حرف الجبل .
جلست اتذكر ، فدارة بي الذكريات ، هواش ، هواش .
هواش ابي السلطان هواش ، أناء نطاح إبن السلطان هواش .
من هؤلاء المعتدون !، لن يقوم لهم قائم ولن يصبح لهم نائم !.
اين انت يابلق ، جد الجد ، هاهو نعلها بخصري !، سأرتديه .
ماذا تريد ؟، لماذا طلبتني يا…
: نطاح إسمي نطاح إبن السلطان هواش .
: اذا فقد استعدت ذاكرتك ، من هذا الموقع خطفتك والصخور تنهال على رآسك .
والآن ماذا تريد؟.
: لاشيئ سوى بأسك الشديد ،
القضاء على هؤلاء الأوباش ، المعتدون على السلطان هواش .
: آن اوانهم ودنت ساعتهم ، إليهم الآن يا نطاح !.
باغتناهم في الظلام ، اقتلعناء الاوتاد واحرقناء الخيام ، فبرز الصناديد والابطال مئتزرين بالنصال .
اخترقة خنجري الأحشاء والاجناب ، و حصدة بلق بقية الرقاب .
ذهبت بلق ، بينما استمر نطاح على جثثهم قائم ، من انطلقة آهاته بادر بإهلاكه .
أطل النهار ، حان وقت القتال ، ظهرت خيول هواش ، تصول وتجول ، على ظهرها فرسانها ، اقتربوا من معسكر الاعداء ، لم يجدوا احد .
انتصف النهار ، شاهدوا النسور والغربان ، تحط على الجثث ، ابلغ الفرسان هواش ، فأمر بمداهمة المعسكر والوقوف على فحوى الخبر .
دخل فرسان هواش ، المقر ، شاهدوا الجثث مجندلة متناثرة ، لايوجد منهم قائم ، سوى فارس واحد ، يمش وسط الجثث عائم .
نادوه فالتفت نحوهم ، فصاحوا : نطاح ، وعلى الارض طاحوا ، ثم لاذوا بالفرار ، مثيرين خلفهم الغبار .
نقلوا إلى السلطان هواش الأخبار فقالوا : ياحضرة السلطان ، لم يبق من الاعداء على قيد الحياة ديار ، عدى ابنك نطاح ، يطوف على الجثث مئتزر ، يجتز رآس من لايزال يحتضر .
تصلب السلطان هواش في موضعه ، فلم يستوعب ما يسمعه ، فأمر بإحضاره للتأكد .
انتشر الخبر بالديرة ، خرج لاستقباله كل سكان العشيرة .
من نظر إليه طاح وتردى وقال : سبحان محي الموتى .
وقف نطاح أمام أبيه فقال : اعذرني يا والدي طالت غيبتي ، خارج عن ارادتي .
بحلق فيه برهة ثم قال : إن كنت نطاح ، أخبرني بإسم من يقف على شمالي وعلى يميني ؟.
: على يمينك اخي فراج وعلى شماك اخي ماطر .
إن كنت نطاح أخبرناء عن اسماء من كانوا جوارك عندما طمرتكم صخور الجبل واين هم ؟ .
قلت : أذكر انناء كناء ذات مساء ، اناء والسائس نزار ،والراعي جلهم ، نبحث عن الإبل ، تحت الجبل ، فجأة سمعناء دحرجة قلل ، نظرناء إلى اعلا ، فشاهدناء الصخور تنهار عليناء من قمة الجبل ، مصحوبة بالغبار والدخان ، بعدها لا اذكر ما جرى .
: إن كنت نطاح ، اخبرناء بإسم من تهوى من بنات العشيرة ، وطلبت خطبتها لك حليلة ، ومن أمها واباها ؟.
عندها انتاب جسدي رعشة وقلت : ليس لي سوى الحوامة الدوامة العوامة ، فارعة إبنة عرفج ، هل هي باقية على عهدها ؟.
من هي امك؟.
: أنت تعلم أن امي ماتت اثناء ولادتي .
: اين قضيت الثلاث السنوات التي مضة.؟.
: مضيتها في حرب ونزال وجندلة الأبطال ، برفقة بلق .
: من بلق؟.
: بلق أشر مخلوق في جبل النوق .
: ماهي مقتنياتك التي تحتفظ بها في غرفة نومك ؟.
: سيف مهند ، وصندوق محرز ، ورمح ابلج ، وفنجان فضة ، وفنجان ذهب .
فل نعلن الفرح والسرور
بعودة إبنناء المطمور !.
قبل ذلك أخبرناء من اباد معسكر الاعداء ؟.
: من رأيتم واقف على جثثهم قائم ، هو من اجتثهم .
اين فارعة؟.
: اذهبوا أيها الفرسان ، اخبروا فارعة ان تتحضر لزفافها المنتظر !.
قرعة السيوف ودفت الدفوف ، كان عرس بهيج ، لم يسبق وان اقيم مثله على مر الازمان ، حضره الانس و الجان .
وفي غمرة الفرح والسرور ، حضرة بلق بثياب فريدة على رآسها طاقية .
بجوارها عدد من الجواري الملاح والفرسان حاملين السلاح .
اقترب هواش من نطاح وقال: من هذه السيدة وحواشيها ؟ .
: إنها بلق إبنة الملك الاشقر ملك جبل القمر .
اجتمع نطاح بفارعة بعد غياب طال ، فسألته : من هي بلق؟.
رد: تمتعي بالودق قبل ان تعرفي قصة بلق .
: لابد أن تخبرني من تكون بلق ؟.
: بلق أشر مخلوق في جبل النوق .
دعك منها فقد سار بيني وبينها ثأر ، قتلت اباها !.
: وكيف حضرة زفافك؟.
: كانت تريد قتلي فلم تظفر بي ، من الآن وصاعد احترسي ، ربما تأت للإتتقام مني …
النهاية…

3 comments

comments user
عبده علي الفهد

👍👍👍👍

comments user
عبده علي الفهد

سوف ارسل
الجزء الاخير من القصة
ربما لم يصلكم أو سقط سهوا

comments user
عبده علي الفهد

رهييييبة
احييييييك
من الأعماق

You May Have Missed

error:
Don`t copy text!